٢١١ - عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}[الأنعام: ٨٢] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس هو كما تظنون. إنما هو كما قال لقمان لابنه:{يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}[لقمان: ١٣] ".
ثم سمعته منه.
-[المعنى العام]-
ما أصدق إيمان الصحابة رضي الله عنهم، وما أشد خوفهم من الله، وما أعظم حرصهم على الهداية والأمن من عذاب الله، وما أحرصهم على تفهم كتاب الله، وما أدق فهمهم لآياته وتدبرهم لمعانيه، ومحاسبة أنفسهم على أصوله وموازينه.
كل ذلك يتجلى في موقفهم حين نزل قوله تعالى من سورة الأنعام:{الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}
هم يفهمون الظلم، أنه وضع الشيء في غير محله، ويعترفون بأنهم كثيرا ما وقعوا فيه، فمن لم يظلم منهم الناس ظلم نفسه، والآية الكريمة تجعل الأمن والهداية لمن لم يلبس إيمانه بظلم، ولا أحد منهم لم يلبس إيمانه بظلم، فلا أحد منهم إذن يكون له الأمن وتكون له الهداية.
لقد انزعجوا لهذه الآية وارتاعوا، وأسرعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: يا رسول الله، أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ أينا لم يظلم نفسه؟ لقد خبنا وخسرنا ووقعنا في الهلاك المبين، ونزل قول الله تعالى:{وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}[لقمان: ١٣] فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المعنى كما فهمتم وليس الأمر كما تظنون، وإنما المراد من الظلم الشرك، فهو من قبيل ما قاله لقمان لابنه وهو يعظه {إن الشرك لظلم عظيم} فمعنى الآية: الذين آمنوا ولم يدخلوا