ومنها: أن معناه اكتسبت بذلك ثناء جميلا، فهو باق عليك في الإسلام.
ومنها: أنه لا يبعد أن يزاد في حسناته التي يفعلها في الإسلام، ويكثر أجره لها، لما تقدم له من الأفعال الجميلة، وقد قالوا في الكافر: إذا كان يفعل الخير فإنه يخفف عنه به، فلا يبعد أن يزاد هذا في الأجور. هذا كلام المازري.
ومنها: ما قاله القاضي عياض: قيل معناه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى إلى الإسلام، وأن من ظهر منه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة آخره وحسن عاقبته، وهذه التفسيرات كلها - كما ترى- بعيدة عن مقصود الشريعة من تشجيع الإحسان والإصلاح في كل المجتمعات فالعمل الذي يساير مطلوب الإسلام -وإن اختل شرطه- لا يتساوى مع العمل الذي ينفر منه الإسلام ويحاربه، إذ لا يستوي الطيب والخبيث.
ثم من الذي يمنع فضل الله وكرمه أن يلحق من رجع إليه وأناب، وإذا كنا نجيز أن يبدل الله سيئات التائب إلى حسنات، أفلا نجيز أن نكافئ العاصي على ما فعل من خير حال عصيانه؟ وهي لا شك مكافأة دون مكافأة المطيع.
أما قول الفقهاء: لا تصح العبادة من الكافر، ولو أسلم لم يعتد بها فمرادهم أنه لا يعتد بها في أحكام الدنيا، وليس فيه تعرض لثواب الآخرة، بل قال بعض الفقهاء: إنه يعتد ببعض أفعال الكفار في أحكام الدنيا.
فقد قالوا: إذا وجب على الكافر كفارة ظهار أو غيرها، فكفر في حال كفره أجزأه ذلك، وإذا أسلم لم تجب عليه إعادتها، واختلف أصحاب الشافعي رحمه الله فيما إذا أجنب واغتسل في حال كفره، ثم أسلم. هل تجب عليه إعادة الغسل أو لا؟ وبالغ بعض الشافعية، فقال: يصح من كل كافر كل طهارة من غسل ووضوء وتيمم، وإذا أسلم صلى بها.
وفي الأم: وتصح نية التقرب من الكافر، وما عللوا به من الجهل إن عنوا به أنه يجهله مطلقا منع، لأنه لا ينكر الصانع، وإن عنوا به أنه يجهله من وجه فهو استدلال بمحل النزاع، لأن محل النزاع: الجاهل بالله من وجه. هل يصح منه نية التقرب أو لا؟ ثم الذي يقضي بصحة النية منه اتفاقهم على التخفيف، لأنه لولا صحة النية لم يصح التخفيف، ولا يمتنع أن يثاب الناظر في دليل الإيمان إذا اهتدى للحق، وأيضا فالقياس يقتضي الإثابة، لأن الإسلام إذا جب السيئات صحح الحسنات.