وأصلي وأسلم على خاتم النبيين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، وسلك سبيله إلى يوم الدين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة: ٢].
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، آتاه الحكمة وفصل الخطاب. فبين للناس ما نزل إليهم، ووضح لهم معالم دينهم، ورسم لهم طريق الخير في دنياهم وأخراهم، فجزاه الله عنا وعن جهاده في الإسلام خير الجزاء.
"أما بعد" فقد وفقني الله للإسهام في شرح مجموعة مختارة من أحاديث البخاري في كتابي "المنهل الحديث" تناولت فيه نحو أربعمائة حديث بالشرح المبسط المناسب لمستوى طلاب المعاهد الثانوية الأزهرية.
ولقد فكرت طويلا -بناء على طلب كثير من المشتغلين بالحديث وطلابه- في أن أكمل شرح أحاديث البخاري بنفس الطريقة والأسلوب، ولكن غلبتني فكرة أخرى بعد آَن عينت مدرسا للتفسير والحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، ورأيت أن المقرر في منهاجها أحاديث صحيح مسلم، وهو كتاب لم يخدم بالشرح كما خدم البخاري، وليس فيما ألفه المؤلفون في شرحه ما يغني الطالب أو يشبع الراغب وأحسست حاجة الطلاب إلى شرح يناسبهم، وعذرتهم في مطالبتهم بذلك وإلحاحهم وملاحقتهم لأساتذتهم.
أمام هذه الظروف فضلت التعجيل بشرح صحيح مسلم، في كتاب سميته (فتح المنعم) ورسمت له منهاجا وطريقة أرجو أن يسدد الله خطاي في سلوكها، وأن ينفع بها، إنه سميع مجيب.
سأجمع الروايات المتعددة للحديث الواحد، مادمت أعتقد أنها لحديث واحد، ثم أقوم بشرحها كوحدة؛ والواقع أن صحيح مسلم يضم كثيرا من الأحاديث المكررة بسبب اختلاف الرواة في رواياتها بالزيادة والنقص والتغيير والتقديم والتأخير، بل قد يفرق بين روايات الحديث الواحد بأحاديث