[(٥٣٠) باب ذم من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو]
٤٣٢١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق" قال ابن سهم: قال عبد الله بن المبارك: فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[المعنى العام]-
يقول الله تعالى {انفروا خفافا وثقالا}[التوبة: ٤١] ويقول {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}[التوبة: ٣٨] ويقول {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله}[النساء: ٩٥] وهكذا أمر الله بالجهاد، وبين فضله، وتسارع الصحابة إليه، وما تقاعس عنه بدون عذر إلا المنافقون. وفي هذا الحديث يحذر صلى الله عليه وسلم من هذا التقاعس، وينذر صاحبه بعذاب يوم القيامة، بل يحذر القاعدين أصحاب الأعذار من عدم الحرص، ويدعوهم إلى الرغبة فيه، والتشوق إليه بقلوبهم، ليكونوا مع المجاهدين بأرواحهم، حيث لم يصاحبوهم بأبدانهم، فكل من لم يحدث نفسه، ويتمنى في نفسه الجهاد لم يكن غيورا على الإسلام، ولم يكن يحب الله ورسوله، وذلك شعبة من النفاق.
-[المباحث العربية]-
(من مات ولم يغز) بالفعل في غزوة من الغزوات، ولم يكن له عذر شرعي.
(ولم يحدث به نفسه) أي من مات ولم يحدث نفسه بالغزو، أي لم يتمن، ولم يتشوف، ولم يرغب فيه.
(مات على شعبة من نفاق) لأن الجهاد من الإيمان، وهو شعبة من شعبه، وخصلة من خصاله؛ لهذا ترجم البخاري: باب الجهاد من الإيمان.
(فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال النووي "فنرى" بضم النون، أي نظن، قال: وهذا الذي قاله ابن المبارك محتمل، وقال غيره: إنه عام، والمراد: أن من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإن ترك الجهاد إحدى شعب النفاق.