غالبا في المسلمين عند انتصار أعدائهم عليهم، ونيلهم منهم- لكن المقصود الأصلي إنما هو حصول الدرجة العليا المترتبة على حصول الشهادة، وليس نصر الكافر مقصودا لذاته، وإنما يقع من ضرورة الوجود، فاغتفر حصول المصلحة العظمى من دفع الكفار وإذلالهم وقهرهم بقصد قتلهم بحصول ما يقع في ضمن ذلك من قتل بعض المسلمين وجاز تمني الشهادة لما يدل عليه من صدق من وقعت له من إعلاء كلمة الله حتى بذل نفسه في تحصيل ذلك. اهـ.
وحاصل هذا الجواب أنه لا تلازم بين طلب الشهادة وبين انتصار الكفار، فكثيرا ما ينتصر المسلمون ويقع إعلاء كلمة الله مع استشهاد بعض المسلمين، فطلب الشهادة، وطلب التضحية في سبيل نصر دين الله أمر مستحب في ذاته، إن وقع ثبت أجره، وإن تمناه متمن وطلبه طالب كان له أجره.
وظاهر الرواية الثانية أن الداعي المتمني للشهادة بصدق يساوي من استشهد في الأجر، لكن قال النووي: معناه أن من سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه، اهـ. فهو يشير إلى أن المماثلة في نوعية الأجر، وليس في مقداره، وهذا التفسير أقرب إلى الحقيقة والعدالة.
وللحديث علاقة بما مر في باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، وفيما يأتي في باب ثواب من حبسه العذر عن الغزو.