[(١٥) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله]
٥٣ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم. معنا أبو بكر وعمر، في نفر. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا. فأبطأ علينا. وخشينا أن يقتطع دوننا. وفزعنا فقمنا. فكنت أول من فزع. فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار. فدرت به هل أجد له بابا. فلم أجد. فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة (والربيع الجدول) فاحتفزت كما يحتفز الثعلب. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال "أبو هريرة" قلت: نعم. يا رسول الله. قال "ما شأنك؟ " قلت: كنت بين أظهرنا. فقمت فأبطأت علينا. فخشينا أن تقتطع دوننا. ففزعنا. فكنت أول من فزع. فأتيت هذا الحائط.
فاحتفزت كما يحتفز الثعلب. وهؤلاء الناس ورائي. فقال "يا أبا هريرة! "(وأعطاني نعليه) قال "اذهب بنعلي هاتين. فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله. مستيقنا بها قلبه. فبشره بالجنة" فكان أول من لقيت عمر. فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. بعثني بهما. من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه، بشرته بالجنة. فضرب عمر بيده بين ثديي. فخررت لاستي. فقال: ارجع يا أبا هريرة. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهشت بكاء. وركبني عمر. فإذا هو على أثري. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لك يا أبا هريرة؟ " قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به. فضرب بين ثديي ضربة. خررت لاستي. قال ارجع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عمر! ما حملك على ما فعلت؟ " قال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي. أبعثت أبا هريرة بنعليك، من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه، بشره بالجنة؟ قال "نعم" قال: فلا تفعل. فإني أخشى أن يتكل الناس عليها. فخلهم يعملون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فخلهم".
-[المعنى العام]-
مثل رائع من أمثلة حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصهم عليه، ومثل أكثر روعة من أمثلة وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ومكافأته لهم على حسن صنيعهم.
ذلك ما يحدثنا به أبو هريرة الصحابي الجليل [الذي لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر أوقاته منذ أسلم رضي الله عنه حتى انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى] يقول: