٣٨٢ - عن عائشة رضى الله عنها؛ قالت: قلت: يا رسول الله! ابن جدعان. كان في الجاهلية يصل الرحم. ويطعم المسكين. فهل ذاك نافعه؟ قال:"لا ينفعه. إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".
-[المعنى العام]-
كان ابن جدعان من رؤساء قريش، وكان بارا بأهله، يصل بسخاء رحمه، كريما لضيوفه، عطوفا على الفقراء والمساكين، وكان لجوده وسخائه يتخذ جفنة كبرى عالية، يرقى إليها بسلم، فكان من أجل ذلك موضع تقدير وإعجاب وثناء، فلما مات على كفره، وقرأت عائشة قوله تعالى:{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}[محمد: ١] وقوله: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}[الفرقان: ٢٣] قالت: يا رسول الله. ابن جدعان كان كثير الخيرات، يصل الرحم، ويحمل الكل ويطعم المسكين، ومات على الكفر، فهل ينفعه في الآخرة ما فعله من خير في دنياه؟ فقال لها صلى الله عليه وسلم: لا، لا ينفعه، لأن شرط صحة العمل الإيمان، وهو لم يصدق بيوم الجزاء ولم يقل يوما:{والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}[الشعراء: ٨٢].
-[المباحث العربية]-
(ابن جدعان) بضم الجيم وإسكان الدال، واسمه عبد الله، من بني تيم بن مرة، أقرباء عائشة -رضى الله عنها.
(إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) أي لم يصدق بالبعث، ومن لم يصدق بالبعث كافر، ولا ينفعه عمل، وجملة "إنه لم يقل .. إلخ" مستأنفة استئنافا تعليليا.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: معنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافرا. اهـ.
وقضية هذا الحديث هي قضية انتفاع الكافر في آخرته بما عمل من خير في دنياه، وعدم انتفاعه