٦٣ - عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك (وفي حديث أبي أسامة غيرك) قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".
-[المعنى العام]-
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث بعض فقهاء الصحابة إلى الأمصار معلمين، وكان ينصب رؤساء الوفود أو فصحاءها مبلغين ومنذرين ومبشرين لمن وراءهم، وكان كل من علم من الصحابة علما يرى واجبا عليه أن يبلغه وينشره، فكان نور الإسلام ينبعث من أفواه كثير ممن اقتبسوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أو بالوساطة.
لكن سفيان بن عبد الله الثقفي -وقد حرص على الأخذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم جاء يسأل عن أمور الإسلام سؤالا قليل اللفظ كثير المعنى، محصور الطلب منتشر المطلوب.
يقول. حدثني يا رسول الله عن أمور الإسلام وواجباته ومحرماته وشرائعه وحدوده حديثا وافيا كافيا يغنيني عن أن أسأل عنها بعد حديثك أحدا غيرك.
وأجاب صلى الله عليه وسلم بكلمة جامعة، شاملة للعلم والعمل، وكل ما يتعلق بالمأمورات والمنهيات.
قال "قل آمنت بالله" وحده لا شريك له وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، قولا صادقا مطابقا لما في القلب "ثم استقم" على حدود الله، وعلى صراطه المستقيم، مطيعا أوامره، مجتنبا نواهيه، من غير انحراف إلى الباطل أو ميل إلى الهوى والشهوات.
إن أنت فعلت ذلك تتنزل عليك الملائكة تمدك بالعون على الطاعة، وتشرح صدرك، وتدفع عنك الخوف والحزن، وتساعدك على خذلان الشيطان، وتبشرك عند الموت بالجنة وبما أعد الله لك من نعيم مقيم، مصداقا لقوله تعالى:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم}[فصلت: ٣٠ - ٣٢].
قال سفيان: يا رسول الله ما أخوف ما أخاف على نفسي؟ قال صلى الله عليه وسلم: هذا، وأمسك بلسانه. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.