للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(قل لي في الإسلام) في الكلام مضاف محذوف، أي في أمور الإسلام وتعاليمه.

(قل آمنت بالله) فيه اكتفاء كقوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} [النحل: ٨١] أي والبرد والمقصود آمنت بالله وبرسوله.

(ثم استقم) الاستقامة الحسية هي انتصاب الجسم واعتداله، وليست مرادة هنا، إنما المراد الاستقامة المعنوية بمعنى عدم الميل والانحراف عن حدود الشرع وصراطه.

ومن المعلوم أن "ثم" للترتيب والتراخي، أما التراخي الزمني فيمكن توجيهه بأن الاستقامة الشرعية المعتد بها لا تكون ولا تقبل إلا بعد الإيمان، وأن التراخي في كل شيء بحسبه.

وأما التراخي الرتبي -وهو هنا أحسن- فباعتبار أن الاستقامة أعظم وأصعب من الإقرار، وبها تتحقق ثمرة الإيمان العظمى، وترتفع رتبته ودرجته.

-[فقه الحديث]-

ظاهر الحديث أن قول "آمنت بالله" كاف وإن لم يصاحبه تصديق وإذعان، وهذا الظاهر غير مراد، لأن الشرع لا يطلب قولا كاذبا بعيدا، وإنما يطلب القول الصادق المطابق.

وإنما آثر طلب القول على طلب التصديق لأن السؤال عن الإسلام، والإقرار أساسه كما مر في حديث جبريل عليه السلام أول الكتاب.

وقد مضى أن طلب الإيمان بالله، أو طلب شهادة أن لا إله إلا الله يلزمه شرعا طلب الإيمان برسول الله، وشهادة أن محمدا رسول الله، لأن الشرع لا يقبل واحدة منهما دون الأخرى، فإذا طلب إحداهما كان القصد مع الأخرى.

والمقصود من الإيمان بالله ورسوله الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم

وقد اختلف العلماء في المراد من الاستقامة المطلوبة في الحديث، وفي قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} [هود: ١١٢].

فذهب مقاتل إلى أن المراد المضي على التوحيد وعدم الرجوع إلى الشرك، وهذا القول مروي أيضا عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث قرأ قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} [الأحقاف: ١٣]. ثم قال: ما تقولون فيها؟ قالوا: لم يذنبوا. قال: قد حملتم الأمر على أشده.

قالوا: فما تقول؟ قال: لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.

<<  <  ج: ص:  >  >>