وعليه فالأمر بالاستقامة في الحديث أمر بالثبوت والدوام، أي قل: آمنت بالله عن تصديق وإذعان، ثم اثبت على هذا دون شك أو تزعزع.
وذهب جمهور العلماء إلى أن المراد الاستقامة على جميع ما يتطلبه الإيمان ولزوم النهج المستقيم.
ونحن لا نقول بالرأي الأول، لأنه لا يتناسب مع سياق السؤال عن الإسلام وأموره في الحديث، ولا يتناسب مع الجزاء الموعود به في قوله تعالى:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة}[الأحقاف: ١٣].
ولا نقول بالرأي الثاني على ظاهره، لأن الاستقامة على جميع ما يتطلبه الإيمان أدق من الشعرة وأحد من السيف، فهي غير مستطاعة على الدوام فلا يكلف بها.
وإنما الأولى أن يراد بالاستقامة المطلوبة التزام الواجبات والبعد عن المحرمات قدر الطاقة، وهذا هو المناسب لقوله تعالى:{ولا تطغوا} فالمراد من الاستقامة المأمور بها عدم الطغيان وليس عدم الميل قيد شعرة، وهو مفهوم تفسير علي - كرم الله وجهه- حيث فسر الآية بقوله "أدوا الفرائض" وتفسير عمر لها بقوله "لم يروغوا روغان الثعالب".
وبهذا نجمع بين الرجاء الذي يسرف فيه الرأي الأول والخوف الذي يفرط فيه الرأي الثاني.