١٣٥ - عن عدي بن ثابت، عن زر، قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي "أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق".
-[المعنى العام]-
علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولد قبل البعثة بعشر سنين ولازم النبي صلى الله عليه وسلم من صغره. ونام مكانه ليلة الهجرة معرضا حياته لخطر المشركين، من أجل الإسلام، ومن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، فنال حب النبي صلى الله عليه وسلم، وحب الله تعالى بالمبالغة في اتباع دينه، حتى قال عنه صلى الله عليه وسلم "إن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك".
ولهذا كانت محبته علامة الإيمان، وبغضه علامة النفاق، وقد عاش -كرم الله وجهه - حتى رأى مخالفيه، وشاهد كثرة معارضيه، وأحس ببغض مبغضيه، وحاول وحاول أصحابه جمع الكلمة، ودعوة المسلمين للالتفاف حوله، بتذكيرهم بمناقبه وفضله، بهذا الحديث وبأمثاله، ولكن الغوغاء كانوا أكثر فعالية، وتيار الفتنة كان أشد تأثيرا، فلم تثمر العظة، ولم تغن النذر، وانحدر بعض من ينتسبون إلى الإسلام إلى اتهامه وطعنه، وتآمروا على اغتياله وقتله، ثم زادوا فحكموا بكفره، وأعلنوا على المنابر التشهير به ولعنه. نكثوا عهد النبي صلى الله عليه وسلم ونقضوا وصاياه، وحاربوا حبيبه، وعادوا من فتح الله على يديه خيبر.
وقد روى البخاري أن رجلا من الخوارج سأل ابن عمر عن علي فقال له: لا تسأل عن علي، ولكن انظر إلى بيته: بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وذكر محاسن عمله، ثم قال له: لعل ذلك يسوؤك؟ قال الرجل: أجل، فإني أبغضه، فقال له ابن عمر: أبغضك الله، وأرغم بأنفك. انطلق فاجتهد على جهدك، أي ابلغ غايتك، واعمل ما في استطاعتك لبغضي أنا الآخر، فإن الذي قلته لك هو الحق الواجب على المسلم.
رضي الله عن علي والمهاجرين والأنصار، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.