للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(١٧) باب طعم الإيمان]

٥٦ - عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا".

-[المعنى العام]-

للإيمان حلاوة تحسها قلوب المتقين، وتتلذذ بها أفئدة الأبرار، وتذوب في سعادتها مشاعر المقربين.

نعم: للإيمان شعب وأمور، وبمقدار تحصيل شعبه، والمحافظة على تعاليمه تكون درجة تذوق المؤمن للإيمان ودرجة تمتعه بها.

وأول مراتبه أن يمس شغاف القلوب، فيتذوق صاحبه حلاوته، كما يتذوق اللسان حلاوة الطعام أول لمسه طرف اللسان، فليس الإيمان بالتمني والانتساب وما يتشدق به من الألفاظ، وإنما الإيمان الحقيقي ما وقر في القلب وسكنت إليه النفس، نعم أول منازل الإيمان الصادق أن يرضى صاحبه بالله وحده ربا، ويعزف عن الأصنام، وعن كل ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، ويرضى بالإسلام وحده دينا، ويتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، ويرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا لجميع البشر، وخاتما للأنبياء وناسخا لشرائع السابقين.

بهذا الرضا، وبهذا الاعتقاد، وبهذا اليقين الذي لا يتطرق إليه الشك يتذوق المرء حلاوة الإيمان، ويحصل المرتبة الأولى من مراتب الصادقين في إيمانهم، وعليه أن يسعى لتحصيل المراتب العليا، باتباع الواجبات والبعد عن المنهيات ليتمتع بحلاوته، بل عليه أن يتدرج في مدارج الكمال، فيسلك طريق المعرفة، وينخرط في بحار الخشية، ويذوب في ساحة القرب، حتى يكون الله سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وحينئذ يصل إلى درجة الشبع من الإيمان والسعادة به وبأموره في الدنيا، وإلى مقاعد الصديقين في الجنات العلى، {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الجمعة: ٤].

-[المباحث العربية]-

(ذاق طعم الإيمان) الذوق مبدأ إدراك الطعم، وقد شبه الإيمان بالثمرة أو بمطعوم

<<  <  ج: ص:  >  >>