للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال أبو قلابة: تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة، لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه) كذا ورد في الرواية الثانية، وأبو قلابة الراوي عن أنس، وأراد بالكلمة، قوله صلى الله عليه وسلم "بالقوارير" وهي كلمة تشبه النساء بالقوارير، وقد يفهم منها الغزل والهزل، وقد تعاب على قائلها عند المتنطعين، وكان أهل العراق كذلك في زمن أبي قلابة، يميلون إلى التكلف وكثرة الجدل والمراء ومعارضة الحق بالباطل، فلو قال كبير مثلها لعابوها عليه، وقيل: مراد أبي قلابة أن هذه الكلمة غير واضحة الدلالة على المراد، لأن وجه الشبه بين القارورة والمرأة ليس جليا، فلو قالها أحد من أهل العراق، لعابها العراقيون، معترضين عليها من حيث البلاغة، وقيل: إن مراد أبي قلابة أن هذا التعبير مثل في البلاغة، ومن أرقى أساليبها التي لا يمسها أهل العراق، ولا يفهمونها، فيدفعهم جهلهم إلى عيبها، لو صدرت من أحدهم.

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الحديث]-

١ - جواز الحداء، والحداء شعر، يجري عليه من الأحكام ما يجري على الشعر، وقد بوب البخاري لهذا الحديث بباب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء، والشعر في الأصل اسم لما دق، واستعمل في الكلام المقفي الموزون قصدا، والرجز بفتح الراء والجيم نوع من الشعر عند الأكثر، والحداء بضم الحاء، وتخفيف الدال، يمد، ويقصر، سوق الإبل بضرب مخصوص من الغناء، ويكون في الغالب بالرجز، وقد يكون بغيره من الشعر، وقد جرت عادة الإبل أنها تسرع السير، إذا حدي بها.

ونقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء، وفي كلام بعض الحنابلة إشعار بنقل خلاف فيه، قال الحافظ ابن حجر: ومانعه محجوج بالأحاديث الصحيحة، ويلتحق بالحداء هنا الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد، ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد، أقول: ومثله غناء عمال البناء وملاحي السفن الشراعية وغيرهم، وأخرج الطبري من طريق ابن جريج، قال: سألت عطاء عن الحداء والشعر والغناء؟ فقال: لا بأس به ما لم يكن فاحشا.

٢ - وفيه جواز السفر بالنساء.

٣ - واستعمال المجاز.

٤ - وفيه مباعدة النساء من الرجال، قال النووي: ومن سماع كلامهم إلا الوعظ ونحوه.

٥ - ذكر البخاري هذا الحديث تحت باب: المعاريض مندوحة عن الكذب، والمعاريض جمع معراض من التعريض بالقول، وهو خلاف التصريح، وهو التورية بالشيء عن الشيء، قال الراغب: التعريض كلام له وجهان في صدق وكذب، أو باطن وظاهر، قال الحافظ ابن حجر: والأولى أن يقال: كلام له وجهان، يطلق أحدهما ويراد لازمه، والمراد هنا قوله "رفقا بالقوارير" فإنه كنى بذلك عن النساء.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>