للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(من ضرب الخدود) الخد: جانب الوجه، وللإنسان خدان، ولعل جمع "الخدود" على قول من يرى أن الجمع فوق الواحد. أو أن الإفراد في فاعل "ضرب" مراعاة للفظ "من" والمعنى على الجمع، فكأنه قال: من ضربوا الخدود، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادا، فيؤول المعنى إلى من ضرب الخد، والمقصود من ضرب الخدود: لطم الإنسان خد نفسه على سبيل الهلع والجزع عند المصائب، فلا يشمل ضرب الإنسان خد غيره، فهو من قبيل العام المخصوص بحكم العرف، وإطلاق الخد لأنه الغالب، وإلا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك.

-[(أو شق الجيوب)]-

الجيب: ما يفتح من الثوب لإدخال الرأس منه، والمراد بشقه: إكمال فتحته إلى الآخر، أو زيادتها على وجه الهلع والتسخط.

وفي الرواية الثانية "وشق الجيوب" بالواو، وهي بمعنى "أو" لأن من فعل واحدة من الثلاث داخل في الوعيد، والتبري يقع بكل واحد من المذكورات، لا بمجموعها.

(ودعا بدعوى الجاهلية) أي بدعوى أهل الجاهلية كما جاء في بعض الروايات، والمراد بالجاهلية: ما كان في الفترة قبل الإسلام، والمراد بدعواها: ما كانوا يفعلونه من النياحة، وندبة الميت والدعاء بالويل والثبور، كما سيأتي.

-[فقه الحديث]-

قال الحافظ ابن حجر: ليس المراد به (أي بقوله: ليس منا) إخراجه عن الدين، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ: المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك ولست مني أي ما أنت على طريقتي.

وقال ابن المنير: الأولى أن يقال: المراد أن الواقع في ذلك يكون قد تعرض لأن يهجر ويعرض عنه، فلا يختلط بجماعة السنة تأديبا له على استصحابه حالة الجاهلية التي قبحها الإسلام.

وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل، أي إنه خرج من فرع من فروع الدين وإن كان معه أصله. حكاه ابن العربي. قال الحافظ ابن حجر: ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبري في رواية البخاري "برئ منه النبي صلى الله عليه وسلم" وأصل البراءة: الانفصال من الشيء، وكأنه توعده بألا يدخله في شفاعته مثلا.

وقال المهلب: قوله "أنا بريء" أي من فاعل ما ذكر وقت ذلك الفعل [أي الموت]، ولم يرد نفيه عن الإسلام. اهـ.

ثم قال الحافظ ابن حجر: وكأن السبب في تحريم ما ذكر ما تضمنه ذلك من عدم الرضا بالقضاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>