وقال ابن التين: ويحتمل أن يكون هذا الرجل، حين أصابته الجراحة ارتاب وشك في الإيمان، أو استحل قتل نفسه، فمات كافرا، فيكون من أهل النار المؤبدين.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - التحذير من الاغترار بالأعمال، وأنه ينبغي للعبد ألا يتكل عليها، ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق، وكذا ينبغي للعاصي ألا يقنط، ولغيره ألا يقنطه من رحمة الله، إذ معنى "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة" أن الأعمال بالخواتيم كما جاء في آخر رواية البخاري.
٢ - وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات، وذلك من معجزاته الظاهرة.
٣ - وفيه جواز الإخبار عن حال الرجل السيئ إذا كان الإخبار يحقق مصلحة مشروعة.
٤ - وفيه الوعيد والتحذير من قتل النفس مهما كانت الآلام.
٥ - وفيه أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وفجوره على نفسه، ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم "لا نستعين بمشرك" لأن الفاجر غير المشرك.
٦ - استدل به بعضهم على أنه لا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد، لاحتمال أن يكون مثل هذا، وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة. فقد خطب عمر، فقال تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيدا، ولعله يكون قد أوقر راحلته. ألا لا تقولوا ذلكم، قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد".
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "من تعدون الشهيد؟ قالوا: من أصابه السلاح، قال: كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد، وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق وشهيد".