على أن الذؤابة -وهي خصلة من شعر، تترك دون حلق، مع حلق ما حولها -كانت شائعة كثيرة، أقرها صلى الله عليه وسلم، فعند البخاري "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث، خالتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره، قال: فأخذ بذؤابتي، فجعلني عن يمينه" وأخرج أبو داود من حديث أنس "كانت لي ذؤابة، فقالت أمي: لا أجزها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمدها ويأخذ بها" وأخرج النسائي بسند صحيح، عن زياد بن حصين عن أبيه "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع يده على ذؤابته، وسمت عليه، ودعا له" ومن حديث ابن مسعود -وأصله في الصحيحين- قال "قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لمع الغلمان، له ذؤابتان".
على أن علة النهي عن القزع قد اختلفوا فيها، وكلها تمس ولا تدعك، فقد قيل: إنها التشويه للخلقة، وقيل: لأن القزع زي الشيطان، وقيل: لأنه زي اليهود، وقيل: لأنه زي أهل الشر والدعارة.
والذي أميل إليه أن النهي عن القزع كان لمنظر خاص من شعر صبي -ربما غير المألوف- أما ما يجرى هذه الأيام من حلق القفا، وتخفيف العارضين وحول الأذنين، فلا بأس به، ولا يدخل في النهي عن القزع، بقي حلق جميع الرأس، وترك شعر جميع الرأس، وقد ادعى ابن عبد البر الإجماع على إباحة حلق الجميع، وهو رواية عن أحمد، وروي عنه أنه مكروه، لما روي عنه أنه من وصف الخوارج، وقال الغزالي في الإحياء: لا بأس بحلق جميع الرأس، لمن أراد التنظيف، ولا بأس بتركه، لمن أراد أن يدهن ويترجل.