للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: قلت لنافع: وما القزع؟ قال ... ) أي قال نافع، فتفسير القزع على هذا لنافع، والسائل له عبيد الله، وفي الرواية الأخرى جعل تفسير القزع من قول عبد الله، ناقلاً عن شيخه عمر بن نافع، مشيراً إلى أماكنه. قال الكرماني: حاصله أن عبيد الله قال: قلت لشيخي عمر بن نافع: ما معنى القزع؟ فقال: إنه إذا حلق رأس الصبي يترك ههنا شعر، وههنا شعر، فأشار عبيد الله إلى ناصيته، وطرفي رأسه، يعني فسر "ههنا" الأول بالناصية، والثانية والثالثة بجانبي الرأس.

و"عبيد الله" هو عبيد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو وتلميذه في هذا الحديث ابن جريج وشيخه عمر بن نافع أقران متقاربون في السن واللقاء والوفاة، واشترك الثلاثة في الرواية عن نافع.

(وفي رواية إلحاق تفسير القزع في الحديث) يعني إدراجه، ولم يسق مسلم لفظه، وقد أخرجه أحمد، ولفظه "نهى عن القزع، والقزع أن يحلق .... " فذكر التفسير مدرجاً.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: أجمع العلماء على كراهة القزع، إذا كان في مواضع متفرقة، إلا أن يكون لمداواة ونحوها، قال: وهي كراهة تنزيه، وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقاً، وقال بعض أصحابه: لا بأس به في القصة والقفا للغلام، قال: ومذهبنا كراهته مطلقاً للرجل والمرأة، لعموم الحديث. اهـ

ومع أن النووي -رحمه الله- قد أوضح الحكم عند الشافعية بأنه كراهة تنزيه إلا أن تعميم هذه الكراهة لكل من حلق بعض رأسه، وترك بعضاً من غلام وجارية ورجل وامرأة، تعميم لا تظهر حجته، فالراوي الذي فسره بحلق البعض وترك البعض مطلقاً قال "رأس الصبي" فما الذي أطلقه، حتى شمل الجارية والرجل والمرأة؟ بل يؤكد هذا القيد ما أخرجه أبو داود والنسائي "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض رأسه، وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك".

بل رواية البخاري لحديثنا تؤكد أن قيد "الصبي" له مدخل، ففيها "قال عبيد الله: إذا حلق الصبي وترك ههنا شعرة، وههنا، وههنا -فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه. قيل لعبيد الله: فالجارية والغلام"؟ يعني قيل لعبيد الله: فالجارية والغلام في ذلك سواء؟ "قال: لا أدري، هكذا قال: الصبي" يعني لكن الذي قاله هو لفظ "الصبي" قال الكرماني: ولا شك أنه ظاهر في الغلام.

كما أن التعميم لجميع أجزاء الرأس الذي بناه على تفسير الراوي للقزع قابله تفسير آخر للراوي عمر بن نافع فعند البخاري في الحديث نفسه "قال عبيد الله: وعاودته" أي عاودت عمر بن نافع "فقال: أما القصة" والمراد بها شعر الصدغين "والقفا" أي وشعر القفا "للغلام فلا بأس بهما" أي لا بأس بحلقهما "ولكن القزع أن يترك بناصيته شعر، وليس في رأسه غيره، وكذلك شق رأسه، هذا وهذا" فهذا التفسير للقزع لا يعممه في أجزاء الرأس المختلفة، بل يحدد مواضع الحلق والترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>