في الطرقات، أضمر الفعل وجوباً، لكثرة الاستعمال، فانفصل ضمير المفعول، فصار إياكم، وحذف المفعول الثاني "الخطأ" وبقي المعطوف "والجلوس" وعبر بفي، والأصل "على الطرقات" لإفادة القرب والظرفية، وفي رواية "على الطرقات" وفي رواية "بالطرقات" والطرقات بضم الطاء والراء جمع طرق، بضمها أيضاً، وطرق جمع طريق.
(فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا)"بد" بضم الباء وتشديد الدال، العوض، أي ما لنا عوض عنها، فهي مجالسنا، ومن معانيه الفرار، يقال: لا بد منه، أي لا مفر، والمعنى عليه: لا مفر لنا من مجالسنا" أي لا مفر لنا من الجلوس في الطرقات، ولا غنى عنها، لأنها مجالسنا.
(نتحدث فيها) حديثاً مشروعاً، جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً، كأن سائلاً سأل: ماذا تفعلون فيها؟ فقيل: نتحدث الأحاديث المشروعة، وفي حديث أبي طلحة "فقالوا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتحدث ونتذاكر".
(فإذا أبيتم إلا المجلس) كذا الرواية "إلا المجلس" بكسر اللام، أي إلا جعلها مكاناً للجلوس، ورواها بعضهم بفتح اللام، مصدر ميمي، أي الجلوس، وفي رواية "فإذا أتيتم إلى المجالس" من الإتيان، وفي رواية "فإن أبيتم إلا أن تفعلوا" وفي حديث "إما لا" بكسر الهمزة، و"لا" نافية، ومعناه: إلا تتركوا ذلك فافعلوا كذا.
(فأعطوا الطرق حقه) في رواية "حقها" والطريق يذكر ويؤنث، وفي رواية أحمد "فمن جلس منكم على الصعيد فليعطه حقه".
(وما حقه؟ ) في رواية "وما حق الطريق"؟ .
(غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) زاد في رواية "وحسن الكلام" وفي رواية "وإرشاد ابن السبيل، وتشميت العاطس إذا حمد" وفي رواية "وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال" وفي رواية "وإرشاد الضال" وعند أحمد والترمذي "اهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم، وأفشوا السلام"، وعند البزار: "وأعينوا على الحمولة"، وعند الطبراني: "ذكر الله كثيراً" وعنده أيضاً "واهدوا الأغبياء، وأعينوا المظلوم".
-[فقه الحديث]-
قال النووي: هذا من الأحاديث الجامعة، وأحكامه ظاهرة، وينبغي أن يجتنب الجلوس في الطرقات، لهذا الحديث، ويدخل في كف الأذى اجتناب الغيبة، وظن السوء، واحتقار بعض المارة، وتضييق الطريق، وكذا إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون، أو يخافون منهم، ويمتنعون من المرور لأشغالهم بسبب ذلك، لكونهم لا يجدون طريقاً إلا ذلك الموضع. اهـ
ومثل الجلوس في الطرقات الجلوس في أفنية البيوت المفتوحة على الطرقات،