وأنه لا يجوز الأذان قاعدا، قال: وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور، فإنه جوزه، ووافقه أبو الفرج المالكي. قال النووي: وهذا الذي قاله ضعيف لوجهين، أحدهما: أنا قدمنا عنه أن المراد بهذا الإعلام بالصلاة، لا الأذان المعروف، والثاني: أن المراد "قم" فاذهب إلى موضع بارز، فناد بالصلاة ليسمعك الناس من البعد، وليس فيه تعرض للقيام في حال الأذان لكنه يحتج للقيام في الأذان، بأحاديث معروفة غير هذا، وأما قوله: مذهب العلماء كافة أن القيام واجب، فليس كما قال بل مذهبنا المشهور أنه سنة، فلو أذن قاعدا بغير عذر صح أذانه، لكن فاتته الفضيلة، وكذا لو أذن مضجعا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح، لأن المراد الإعلام، وقد حصل، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء. اهـ.
وقال الأبي: أجاز مالك الأذان قاعدا لمن به علة، أو أذن لنفسه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الحنفية كلهم أن القيام سنة، وأنه لو أذن قاعدا صح، والصواب ما قاله ابن المنذر من أنهم اتفقوا على أن القيام من السنة. اهـ.
٩ - قد يؤخذ من الحديث أن الأذان للرجال، وأنه لا يصح أذان المرأة. قال النووي في المجموع: لا يصح أذان المرأة للرجال. هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، ونقل إمام الحرمين الاتفاق عليه، وهناك وجه ضعيف بأنه يصح كما يصح خبرها، وأما إذا أراد جماعة نسوة الصلاة استحب لهن الإقامة، وكره لهن الأذان. لأن في الأذان ترفع الصوت وفي الإقامة لا ترفع، وقيل لا تستحب الإقامة لهن.
وقيل يستحب لهن الأذان والإقامة بشرط ألا ترفع صوتها فوق ما تسمع صواحبها، فإن رفعت فوق ذلك حرم كما يحرم تكشفها بحضرة الرجال، لأنه يفتتن بصوتها، وممن صرح بتحريمه إمام الحرمين والغزالي والرافعي، وقال السرخسي: رفع صوتها مكروه. اهـ.
١٠ - ويؤخذ من اختيار بلال وتعليل ذلك بحسن صوته في بعض الروايات استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه.
قال النووي: وهذا متفق عليه.
والله أعلم
(ملحوظة) للحديث صلة قوية بالحديث الآتي، وشرح كل منهما يتمم الآخر فليراجع.