للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

ساق مسلم هذا الحديث كدليل على استحباب وضع اليمين على الشمال في وقوف الصلاة، والكلام في هذه المسألة يتشعب إلى حكم وضع اليمين على الشمال، وإلى صفته، وإلى مكانه، وإلى وقته، وإلى حكمته.

أما الحكم فقد اتفق العلماء على أنه ليس بواجب، ثم ذهب الشافعية والحنفية والحنابلة وسفيان الثوري وإسحق وأبو ثور وداود وجمهور العلماء إلى أن وضع اليمين على الشمال في وقوف الصلاة سنة. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، اهـ. أما المالكية فالأقوال عندهم خمسة، الأول ما حكاه ابن المنذر عن مالك أنه سنة كقول الجمهور، الثاني: رواية ابن القاسم عن مالك الإرسال، قال النووي: وهو الأشهر، وعليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم. قال الأبي: وقال مالك أيضا والليث وجماعة بكراهة وضع اليمين على الشمال، وعللت بخوف أن يعتقد وجوبه، وقيل: لئلا يظهر من خشوعه خلاف الباطن، الثالث أنه يكره لمن يفعله اعتمادا، الرابع: أنه يكره في الفرض، دون النفل، الخامس: أنه مخدر بين الوضع والإرسال، وهو قول الأوزاعي.

وقال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة.

واحتج لمن يمنع وضع اليمين على الشمال بحديث المسيء صلاته، إذ علمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر وضع اليمنى على اليسرى، وأجيب بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه إلا الواجبات فقط.

وحديث الباب صريح في استحباب وضع اليمين على الشمال، وهو حجة الجمهور، كما يحتج أيضا بحديث البخاري عن سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه في الصلاة .... " وبحديث أبي داود عن ابن مسعود "أنه كان يصلي، فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم: فوضع يده اليمنى على اليسرى" صحيح على شرط مسلم. وعن ابن الزبير قال "صف القدمين، ووضع اليد على اليد من السنة" رواه أبو داود بإسناد حسن.

وأما صفة الوضع عند القائلين به فقد قيل: يضع بطن كف اليمنى على رسغ اليسرى فيكون الرسغ وسط الكف [الرسغ بضم الراء وإسكان السين، ويقال بالصاد بدل السين، هو المفصل بين الكف والساعد] ويقبض على الرسغ بالخنصر والإبهام، وتمتد الأصابع الثلاث الوسطى على الذراع، وهو المختار عند الحنفية، وقيل: يضع باطن أصابعه على الرسغ طولا، ولا يقبض، وقيل: يتخير بين وسط أصابع اليمنى في عرض المفصل وبين نشرها صوب الساعد، وقيل: يقبض المفصل بأصابعه الأربعة من جهة وبالإبهام من جهة، واضعا بطن كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعن مالك: إن شاء أمسك بالكف، وإن شاء أمسك بالرسغ، وقيل: يضع كف اليمنى على ذراع اليسرى، والظاهر أن الكل من قبيل التخير المباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>