(فكيف نصلي عليك)؟ "كيف" اسم استفهام حال مقدم، والفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا كان الله قد أمر بالصلاة عليك فكيف نصلي عليك؟ قال الحافظ ابن حجر: اختلف في المراد بقولهم: كيف؟ فقيل: المراد السؤال عن معنى الصلاة المأمور بها، بأي لفظ تؤدى؟ وقيل: عن صفتها، لا عن جنسها، لأن لفظ "كيف" ظاهر في الصفة، وأما الجنس فيسأل عنه بلفظ "ما" وبه جزم القرطبي فقال: هذا سؤال من أشكلت عليه كيفية ما فهم أصله، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة، فسألوا عن الصفة التي تلبق بها ليستعملوها. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: والحامل لهم على هذا السؤال أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص، وهو "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" فهموا منه أن الصلاة أيضا تقع بلفظ مخصوص، وعدلوا عن القياس، لإمكان الوقوف على النص، ولا سيما في ألفاظ الأذكار، فإنها تجيء خارجة عن القياس غالبا، فوقع الأمر كما فهموا، فإنه لم يقل لهم: قولوا الصلاة عليك أيها النبي، ولا تقولوا: الصلاة والسلام عليك إلخ، بل علمهم صيغة أخرى.
(فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله) معناه كرهنا سؤاله مخافة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كره سؤاله، وشق عليه، وذلك لما تقرر عندهم من النهي عن ذلك، بقوله تعالى:{لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم}[المائدة: ١٠١] ووقع عند الطبري من وجه آخر في هذا الحديث "فسكت حتى جاءه الوحي فقال ... ".
(قولوا: اللهم صل على محمد)"اللهم" كثر استعمالها في الدعاء، وهي بمعنى يا الله، والميم عوض عن حرف النداء، وصلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ثناؤه عليه عند ملائكته وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك له من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة، لا طلب أصل الثناء والتعظيم، قال الحليمي: معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهم صل على محمد: عظم محمدا والمراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى {صلوا عليه} ادعوا ربكم بالصلاة عليه. اهـ.
وصلاة الملائكة عليه في قوله تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي} كصلاتنا عليه، أي طلب تعظيمه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم.
(وعلى آل محمد) صلاة الله على آل محمد رحمته لهم، وهي من قبيل صلاته جل شأنه على غير الأنبياء من عباده، في قوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته}[الأحزاب: ٤٣] فدعاؤنا بالصلاة على آل محمد دعاؤنا لهم بالرحمة. وقيل معنى صلاة الله على عباده عموما ثناؤه عليهم. وتعظيمه لهم، فالصلاة على الآل، وعلى الأزواج والذرية، وعلى المتقين من المؤمنين من هذا القبيل، ولا يمتنع أن يدعي لهؤلاء بالثناء والتعظيم، كما يدعي للرسول صلى الله عليه وسلم، فإن تعظيم كل أحد بحسب ما يليق به.