(وإنما التصفيح للنساء) ظاهر هذه العبارة أن المراد من التصفيح هو التصفيق، إذ عبر عن الحالة التي كانوا عليها مرة بالتصفيق ومرة بالتصفيح.
(فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط)"البراز" بفتح الباء المكان الواسع الظاهر من الأرض، ويقصد لقضاء الحاجة بعيدا عن أعين الناظرين، والبراز بكسر الباء نفس الخارج، والغائط المكان المنخفض المقصود لقضاء الحاجة ويطلق على نفس الخارج، فالمعنى هنا: تبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي اتجه إلى المكان الواسع البعيد المتجه نحو المكان المنخفض لقضاء الحاجة.
(فحملت معه إداوة) الإداوة بكسر الهمزة إناء صغير من جلد قال النووي: والإداوة والركوة والمطهرة بكسر الميم، والميضأة بكسر الميم أيضأ بمعنى متقارب: إناء الوضوء. اهـ.
(ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه) أي يزيح جبته عن ذراعيه ففي رواية لمسلم في باب المسح على الخفين "ثم ذهب يحسر عن ذراعيه" أي يحسر الجبة عن ذراعيه، وأصل المعنى: يخرج ذراعيه من كمي جبته، ومن المعلوم أن الجبة لها فتحتان بدون طول في الأكمام، ولعل هذه الجبة قد لبست في هذا السفر لأول مرة، وكانت ضيقة الفتحتين، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف ضيق كميها. فحاول إخراج ذراعيه منهما.
(ثم توضأ على خفيه) أي مسح على خفيه، ففي رواية مسلم في باب المسح على الخفين "ثم مسح على خفيه".
(فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف) كان الظاهر أن يقول: حتى وجدنا الناس قد قدموا. لأن الكلام عن الماضي ولكنه عبر بالمضارع استحضارا للصورة الغريبة في نظر المغيرة.
-[فقه الحديث]-
يتعرض كل من الحديثين إلى مسألتين أساسيتين. أولاهما: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، ثانيتهما: التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق للنساء.
أما عن المسألة الأولى: فقد تقدم شرحها في الحديث السابق، وقد قلنا: إن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم، وفصلنا قول الفقهاء ووجهة نظرهم في حكم تأخر الإمام الأول إلى الصف ليفسح للإمام الثاني، وهل يجوز أو لا يجوز؟
أما عن المسألة الثانية: فقد ذهب مالك في رواية عنه أن المرأة تسبح كالرجل في الصلاة إذا نابها شيء، لأن "من" في قوله صلى الله عليه وسلم: "من نابه شيء في صلاته فليسبح" تقع على الذكور والإناث، قال: والتصفيق منسوخ بقوله "من نابه شيء في صلاته فليسبح" وهذا القول أنكره