موقوفا أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ولفظه قالت:"كان نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشرفن للرجال في المساجد، فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة" وهذا وإن كان موقوفا فحكمه حكم الرفع، لأنه لا يقال بالرأي. اهـ.
-[فقه الحديث]-
قال النووي في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "هذا وشبهه من أحاديث الباب ظاهر في أنها لا تمنع المسجد، لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث، وهي أن لا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها، ولا ثياب فاخرة، ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها، وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها.
وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج ووجدت الشروط المذكورة. اهـ وقال العيني: إن الإذن المذكور غير واجب، لأنه لو كان واجبا لا نتفى معنى الاستئذان، لأن ذلك إنما يتحقق إذا كان المستأذن مخيرا في الإجابة أو الرد. اهـ.
ومعنى هذا أنه يكره للزوج أن يمنع زوجته من الخروج للصلاة في المسجد إذا استوفيت الشروط المذكورة، ولا يحرم عليه منعها حتى مع استيفاء هذه الشروط، وله أن يمنعها بدون كراهة إذا ظن اختلال شرط مما ذكر، فإن تحقق الاختلال وجب عليه منعها.
هذا واجب الزوج، أما واجب الزوجة فينبغي أن يكون حرصها على صيانة سمعتها وعرضها فوق حرصها على حضور المساجد، ولتعلم أن شهودها الجماعة في المساجد لا يزيدها ثوابا عن حضورها في منزلها، فقد ورد في بعض طرق هذا الحديث ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ولفظها "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن" أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة، ولأحمد والطبراني من حديث أم حميد الساعدية "أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: قد علمت وصلاتك في بيتك [أي في مخدعك ومكان نومك] خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة".
قال الحافظ ابن حجر: ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل لتحقق الأمن فيه من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة ومن ثم قالت عائشة ما قالت. اهـ. فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك وأن صلاة المرأة في مخدعها خير من صلاتها مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم نهى الرجال عن منعهن من الخروج إلى المساجد؟ أجيب بأن هناك فرقا بين إعطاء حق الحرية، وبين استخدام هذه الحرية، لقد جاء الإسلام والمرأة كم مهمل، كقطعة من متاع البيت، إن كان للرجل بها حاجة طلبها وإلا فهي قعيدة لا تتدخل حتى برأيها في شأن من الشئون، فمنحها الحرية، وحملها المسئولية، وأراد لها أن تمتنع هي، لا أن تمنع ورضي الله عن عمر وزوجه حين أراد أن يمنعها من الخروج إلى المسجد