للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهرة فأرسل رسله إلى مشارق الأرض ومغاربها يبحثون، فكانت الطائفة التي اتجهت إلى تهامة بشيرة الخير، ونذيرة الشر، لقد وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بأصحابه في وادي نخلة بين مكة والطائف، واستمعت إليه وهو يقرأ ويجهر بالقرآن، استمعت واستمعت، وأصغت وأنصتت إنهم يعلمون الكثير عن التوراة والإنجيل، ويعلمون خصائص كلام الله، إن ما يسمعون اليوم ليس من كلام البشر، لقد آمنوا بأنه من كلام الله: {فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين* قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم* يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم .... } [الأحقاف: ٢٩ - ٣١] وأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يعلمه أن الجن سمعوه بقوله: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً* يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً ... } [الجن: ١ - ٢].

وأمر صلى الله عليه وسلم أن يقرأ على الجن القرآن مرة ومرة فكان يخرج إليهم خارج مكة يقرأ عليهم، مرة يراهم ومرة لا يراهم، مرة يكلمهم ويكلمونه، ومرة لا يحس بوجودهم لولا أن تعلمه شجرة بهم، ومرة سألوه ماذا يأكلون؟ وماذا يحل لهم من طعام؟ ولعلهم كانوا قبل ذلك يأكلون النجاسات والميتة، ولعلهم كانوا يسرقون ويخطفون من البشر -فأباح لهم العظم الذي ذكر اسم الله عليه -وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إليهم دون علم من أصحابه، وفي ليلة افتقده أصحابه، وبحثوا عنه فلم يجدوه، وتوقعوا له شراً وباتوا في حزن وضيق وانزعاج، وفي الصباح وجدوه ينزل من قبل غار حراء وسألوه، فأجاب أنه كان يقرأ على الجن القرآن. فاطمأنوا عليه، وودوا أن لو كانوا معه حرصاً عليه، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أصحابه أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(في طائفة من أصحابه) قال الجوهري: الطائفة من الشيء قطعة منه وفي قوله تعالى {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [الجن: ٢] قال ابن عباس: الواحد فما فوقه. وقال مجاهد: الطائفة الرجل الواحد إلى الألف، وقال عطاء: أقلها رجلان وهو الذي نميل إليه.

(عامدين إلى سوق عكاظ) أي قاصدين، وهو منصوب على الحال و"عكاظ بضم العين وتخفيف الكاف، يصرف ولا يصرف، والسوق تؤنث وتذكر لغتان، قيل: سميت السوق سوقاً لقيام الناس فيها على سوقهم، ذكره النووي: وقيل من سوق الناس إليها بضائعهم.

و"عكاظ" إن كانت اسماً للسوق فالإضافة من إضافة الشيء إلى نفسه، قال ابن التين، وإن كانت السوق تقام بمكان عكاظ فالإضافة بمعنى في.

وسوق عكاظ كانت في صحراء مستوية ناحية مكة، قريبة من عرفات وهي من عمل الطائف، على عشرة أميال منها، وكانت العرب تجتمع بها كل سنة يتفاخرون بها ويحضرها الشعراء والخطباء،

<<  <  ج: ص:  >  >>