وقد اعترض بعضهم على ابن معين بأنه حين نزه البراء عن هذه العبارة ألصقها بعبد الله بن يزيد وهو صحابي أيضا، لكنه أجيب بأن ابن معين لا يعد عبد الله بن يزيد في الصحابة وإن عده كثير من العلماء منهم.
بقي قولهم: إن نفي الكذوبية لا يستلزم نفي الكاذبية، أي إن نفي المبالغة في الكذب لا يستلزم نفي أصل الكذب وقليله، فكان الواجب نفي مطلق الكذب وأجيب بأن المعنى غير كذب، فهو من قبيل قوله تعالى:{وما ربك بظلام للعبيد}[فصلت: ٤٦]
(لم أر أحدًا يحني ظهره) أي للسجود، وفي الرواية الرابعة "لا يحنو أحد منا ظهره" قال النووي وكلاهما صحيح فهما لغتان حكاهما الجوهري وغيره يقال: حنيت وحنوت، ولكن الياء أكثر ومعناه عطفته، ومثله حنيت العود وحنوته عطفته. اهـ
(لم يحن أحد منا ظهره) يحن بفتح الياء وسكون الحاء من حنيت العود إذا قوسته.
{(فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس)} قال المفسرون وأهل اللغة: هي النجوم الخمسة، وهي المشترى وعطارد والزهرة والمريخ وزحل هكذا قال أكثر المفسرين، وهو مروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي رواية عنه أنها هذه الخمسة والشمس والقمر، وعن الحسن هي كل النجوم، وقيل غير ذلك، والخنس التي تخنس، أي ترجع في مجراها، والكنس التي تكنس أي تدخل كناسها أي تغيب في المواضع التي تغيب فيها، والكنس جمع كانس قاله النووي.
-[فقه الحديث]-
قال الحافظ ابن حجر: ظاهر الحديث [وهو يتكلم عن حديث التهديد بصورة حمار] يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام، لكونه توعد عليه بالمسخ، وهو أشد العقوبات، وبذلك جزم النووي في شرح المهذب.
ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر تبطل، وبه قال أحمد في رواية، وبه قال أهل الظاهر، بناء على أن النهي يقتضي الفساد، وفي المغني عن أحمد أنه قال في رسالته: ليس لمن سبق الإمام صلاة لهذا الحديث، قال: ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب اهـ
وقال القرطبي: من خالف الإمام فقد خالف سنة المأموم. اهـ وظاهر عبارته عدم الحرمة وثبوت الكراهة لكن الجمهور على الحرمة.
وقد فصل الإمام النووي هذه المسألة في شرح المهذب تفصيلاً جديرًا بالاعتبار فقال:
قال أصحابنا يجب على المأموم متابعة الإمام، ويحرم عليه أن يتقدمه بشيء من الأفعال،