للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولتتهيأ نفسه لاستقباله دون مفاجأة أو طغيان، وينذره مما سيصيبه من شر، ليستعد له، ويروض نفسه على احتماله قبل وصوله، فإذا وصل لم يكن صدمة يفزع لها، أو يفقد من هولها صوابه، كل ذلك لطف من الله بالمسلم ليرضى بالقضاء، ويشكر عند السراء والضراء.

بعد هذه البشرى بما أفاض ويفيض الله على عبده الصالح وضع صلى الله عليه وسلم اللمسات الأخيرة على هيئة الصلاة فقال: أيها الناس. ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا، فلا تقرءوا القرآن في الركوع والسجود فعظموا فيه الرب، وقولوا: سبحان ربنا العظيم، وأما السجود فهو أقرب ما يكون العبد من ربه، فادعوا الله فيه، واجتهدوا في الدعاء، وأكثروا وألحوا، فجدير أن يستجيب الله لكم وأنتم سجود. أيها الناس. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. اللهم قد بلغت. اللهم فاشهد. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ثم أرخى الستر فلم يره الصحابة بعد، ولحق بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم.

والمجموعة الثانية: تدعو إلى كثرة الدعاء في السجود، وتبرز ما كان يدعو به صلى الله عليه وسلم في سجوده في أيامه الأخيرة، وأنه كان يقول أحيانًا في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله، صغيره وكبيره، حقيره وجليله، وأوله ووسطه وآخره، علانيته وسره.

وإنه كثيرًا ما كان يقول في ركوعه وفي سجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي.

وأحيانًا ما كان يقول: سبحانك وبحمدك. لا إله إلا أنت. اللهم إني أعوذ برضاك عن سخطك، وبمعافاتك عن عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك. أنت كما أثنيت على نفسك.

وأحيانا كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

ولاحظت أم المؤمنين عائشة - وهي مشهورة بالذكاء واليقظة، ومتابعة حركاته وسكناته صلى الله عليه وسلم - لاحظت أنه منذ وقت قريب يكثر من التسبيح والتحميد والتوبة والاستغفار على غير ما كانت تعهد من قبل، لاحظت أنه لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء، ولا يركع ولا يسجد، إلا ويذكر هذه الكلمات فقالت: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أسمعها منك حديثا؟ ولم أكن أسمعك تواظب عليها قديما؟ قال: يا عائشة أخبرني ربي أنني سأرى علامة، وأمرني أنني إذا رأيتها أكثر من هذه الكلمات، وقد رأيتها، فأنا أكثر منها.

هذا الإخبار كان بنزول قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}

وقد رأيت هذه العلامة، ففتح الله مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، فأنا أقولها إيذانا بقرب نهايتي فقد أكمل الله لكم دينكم، وأتم عليكم نعمته، ورضي لكم الإسلام دينا، ولم يبق إلا أن أسبح، وأحمد وأستغفر وأتوب وأنتظر اللحوق بالرفيق الأعلى.

المجموعة الثالثة: تحكي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أحب الأعمال إلى الله: فسكت ثوبان مبديا إعجابه وسروره بالسؤال مما شجع معدان أن يعيد السؤال، وسكت ثوبان للمرة الثانية وفي وجهه بشاشة السرور بحرص المسلمين على الترقي بالأعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>