وذهب جماعة إلى أن العدد أريد به التكثير دون التحديد، كما في قوله تعالى:{إن تستغفر لهم سبعين مرة}[التوبة: ٨٠] ويكون ذكر البضع للترقي، والعرب تستعمل السبعة للتكثير في الآحاد، ومنه قوله تعالى:{سبع سنابل}[البقرة: ٢٦١]، وقوله:{والبحر يمده من بعده سبعة أبحر}[لقمان: ٢٧].
فيكون المعنى أن شعب الإيمان أعداد مبهمة، ولا نهاية لكثرتها، ويرجح هذا الرأي أنه أبهم بذكر البضع، ولو أريد التحديد لم يبهم.
فإن قيل: أصل الإيمان في اللغة التصديق، وفي الشرع تصديق القلب واللسان، فما وجه كون الحياء شعبة من الإيمان؟
أجيب بأن ظواهر الشرع تطلقه أيضا على الأعمال، ومنه هذا الحديث، وقال النووي: كمال الإيمان بالأعمال، وتمامه بالطاعات، وأن التزام الطاعات وضم هذه الشعب من جملة التصديق ودلائل عليه وأنها خلق أهل التصديق، فليست خارجة عن اسم الإيمان الشرعي ولا اللغوي. اهـ.
فإن قيل: لم خص الحياء بالذكر من بين الشعب؟ أجيب بأنه الباعث على أفعال الخير الحاجز عن أفعال المعاصي، فله أهمية خاصة ومزيد عناية داعية، إذ الحيي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة، فيأتمر وينزجر، فإن قيل: إن الحياء من الغرائز، فكيف جعل شعبة من الإيمان؟ أجيب بأنه قد يكون غريزة، وقد يكون تخلقا، وعلى كل فاستعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية، فلهذا جعل من الإيمان.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - تفاوت مراتب الإيمان.
٢ - أن الإيمان قول وعمل، وفيه الرد على المرجئة القائلين بأن الإيمان قول بلا عمل.
٣ - أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى الإيمان.
٤ - الحث على التخلق بالحياء.
٥ - الحث على إماطة الأذى من طريق المسلمين.
٦ - مسئولية الفرد نحو المجتمع، فإن إماطة الأذى من التعاون والتكافل الاجتماعي ودفع الضرر عن أفراده، وحمايته من الوقوع في الخطر والضرر.