للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تصل إلى داره، ورآه أبو أيوب، فقال: يا جبار، أعن منزلي تنخسها؟ أما والذي بعثه بالحق لولا الإسلام لضربتك بالسيف.

وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعتزم بناء مسجد، ووقع اختياره على أرض لبني النجار فيها نخل وفيها قبور المشركين وفيها آثار بناء محطم وبها حفر، فقال: يا بني النجار. ساوموني على هذه الأرض لأشتريها فأقيم عليها مسجدًا نصلي فيه. قالوا: لا. واللَّه لا نأخذ لها ثمنًا إنما هي للَّه تعالى.

فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصحابه بقطع النخل فقطعوه، وأمر بقبور المشركين فنبشت، وجمع عظامها وترابها وغيبت في باطن الأرض، وأمر بآثار الهدم والحجارة فسويت ومهدت الأرض واستوت ثم بنى المسجد، صفوا النخل حائطًا جهة القبلة، جهة القدس بطول مائة ذراع، وبنيت جدرانه باللبن بعد أساس من الحجارة، وجعل ارتفاع الجدار قامة وبسطة، وجعل طول الضلع مائة ذراع، فهو مربع، وجعل له ثلاثة أبواب: باب في مؤخره، وباب يقال له باب الرحمة، وهو الباب الذي يدعى باب العاتكة، والثالث الذي يدخل منه عليه الصلاة والسلام، وهو الباب الذي يلي آل عثمان، وجعل جانبي الباب من الحجارة، وجعل عمد المسجد من جذوع النخل وسقفه من جريد النخل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة واللبن بنفسه وهو ينشد معهم: اللَّهم لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة. ولم يزد فيه أبو بكر شيئًا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنائه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد، وأعاد عمده خشبًا. ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بحجارة منقوشة والقصة، وجعل عمده حجارة منقوشة، وسقفه بالساج وكان صلى اللَّه عليه وسلم يصلي على الأرض حيث أدركته الصلاة في أي مكان، وبعد أن بنى المسجد لم يكن يصلي إلا في المسجد حيث أمكنه صلى اللَّه عليه وسلم وكان يصلي في مرابض الغنم وأماكن نومها ومبيتها، فالأرض كلها مسجد وطهور. واللَّه أعلم.

-[المباحث العربية]-

(قدم المدينة) المنورة في الهجرة.

(فنزل في علو المدينة) قال النووي: هو بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان. اهـ. وعلو المدينة هو العالية، وفي رواية للبخاري "فنزل في أعلى المدينة".

(في حي) بتشديد الياء وهي القبيلة.

(فأقام فيهم أربع عشرة ليلة) هذه رواية الأكثرين، وفي رواية "بضع عشرة ليلة" ولا خلاف بينهما، لكن في رواية المستعلي والحموي "أربعًا وعشرين ليلة" قال الحافظ ابن حجر: والأول هو الصواب.

(ثم أرسل إلى ملإ بني النجار) في رواية البخاري "إلى ملإ من بني النجار" والملأ الجماعة، والملأ أشراف القوم ورؤساؤهم، وهو المراد هنا، وبنو النجار هم بنو تيم اللات بن ثعلبة، وتيم

<<  <  ج: ص:  >  >>