للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تسمى مارية تماثيل كثيرة تمثل أشخاصًا وتصورهم كأنهم أجساد بشرية أحياء، ورأينا الناس يعظمونها ويقدسونها ويسجدون عندها.

وكان في عرض هذه الواقعة تنبيه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خشي على إثره أن يحدث معه بعد موته ما حدث مع غيره، فقال صلى اللَّه عليه وسلم لعن اللَّه اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم النبي أو الرجل الصالح بنوا على قبره كنيسة يجتمع إليها الناس، وصوروا فيها هذه الصور تقديسًا وتعظيمًا ولتكون ذكرى للصلاح ليقتدوا بهم، فلما طال عليهم الزمن سول لهم الشيطان أن أجدادهم كانوا يعبدون هذه التماثيل فعبدوها. ألا وإني أنهاكم أن يتخذ قبري مسجدًا، ألا وإني أنهاكم أن تصور بعدي عند قبري الصور والتماثيل. أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة.

ولم يفتأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طيلة مرضه يحذر الناس من مثل هذا الفعل، فكلما هدأت حرارة الحمى غطى وجهه صلى اللَّه عليه وسلم يفكر ويستعد للقاء ربه، وكلما اشتدت حرارتها كشف عن وجهه ليبرد الحرارة بالماء، فإذا رأى بعض الصحابة بجواره حذرهم من اتخاذ قبره مسجدًا، وحذرهم من تقديسه بعد موته، يقول: إن من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا لا تتخذوا قبري مسجدًا. إني أنهاكم عن ذلك وأبرأ إلى اللَّه من فعل يزيد في تقديسي، ثم أشار إلى الخلافة من بعده فقال: إن اللَّه قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً. فصلى اللَّه وسلم عليه، بلغ الأمانة وأدى الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة فجزاه اللَّه خيرًا.

-[المباحث العربية]-

(أم حبيبة) أم المؤمنين، واسمها رملة بنت أبي سفيان، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد اللَّه بن جحش فتوفي هناك، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الحبشة سنة ست من الهجرة، وكان النجاشي قد أمهرها من عنده عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبعثها إليه.

(أم سلمة) أم المؤمنين هند بنت أبي أمية المخزومي، هاجر بها أبو سلمة إلى الحبشة، فلما رجعا إلى المدينة مات زوجها، فتزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(ذكرتا كنيسة) "ذكرتا" كذا لأكثر الرواة بلفظ التثنية للمؤنث من الماضي، والضمير فيه يرجع إلى أم حبيبة وأم سلمة، والظاهر أن إحداهما ذكرت والأخرى أمنت فنسب الذكر إليهما، وفي رواية "ذكرا"، وهو خلاف الأصل والأظهر أنه من النساخ، والكنيسة معبد النصارى، وفي الرواية الثالثة "يقال لها: مارية" بكسر الراء وتخفيف الياء التحتية، قال العيني: والمارية بتخفيف الياء البقرة.

(رأينها بالحبشة) بصيغة جمع المؤنث من الماضي، أي هما ومن كان معهما. وفي رواية "رأتاها" على الأصل بضمير التثنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>