للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإليتين على العقبين] وحمل حديث ابن عباس عليه، قال القاضي عياض: وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه. قال: وكذا جاء مفسرًا عن ابن عباس رضي الله عنهما "من السنة أن تمس عقبيك إليتيك" هذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس، وقد ذكرنا أن الشافعي رضي الله عنه على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحاصله أنهما سنتان، وأيهما أفضل؟ فيه قولان. اهـ.

وفي كيفية الجلوس في الصلاة عامة بحث مطول شرحناه في السابق ولا نرى بأسًا في إعادته، قلنا:

أما الجلوس في الصلاة فمذهب أبي حنيفة في هيئته المستحبة الافتراش في جميع الجلسات، والافتراش أن يفرش رجله اليسرى بقدمها، وينصب اليمنى.

ومذهب مالك: يسن التورك في جميع الجلسات في الصلاة، والتورك أن يخرج رجله اليسرى من تحته ويفضي بوركه إلى الأرض.

ومذهب الشافعي: يسن أن يجلس كل الجلسات مفترشًا إلا التي يعقبها السلام فيسن أن يجلس فيها متوركًا - وقلنا رأيًا آخر للشافعي بالإقعاء في الجلوس بين السجدتين.

وقال أحمد: إن كانت الصلاة ركعتين افترش، وإن كانت أربعًا افترش في التشهد الأول وتورك في التشهد الثاني.

واحتج لأبي حنيفة في الافتراش في الصلاة بقول عائشة في حديث مسلم المروي في باب صفة الصلاة "وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى".

واحتج لمالك في التورك بحديث عبد الله بن الزبير "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى، رواه مسلم.

واحتج الشافعية بما رواه البخاري عن أبي حميد أنه وصف بين عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" قال الشافعي والأصحاب: فحديث أبي حميد وأصحابه صريح في الفرق بين التشهدين، وباقي الأحاديث مطلقة، فيجب حملها على مقيده. فمن روى التورك أراد الجلوس في التشهد الأخير، ومن روى الافتراش أراد الأول، وهذا متعين للجمع بين الأحاديث الصحيحة، لا سيما وحديث أبي حميد وافقه عليه عشرة من كبار الصحابة رضي الله عنهم.

قال النووي: وجلوس المرأة كجلوس الرجل، وصلاة النفل كصلاة الفرض في الجلوس، هذا مذهب الشافعي ومالك والجمهور، وحكي عن بعض السلف أن سنة المرأة التربع وعن بعضهم التربع في النافلة. والصواب الأول. اهـ.

هذا وسيعقد باب بعنوان [صفة الجلوس في الصلاة] بعد أربعة عشر بابًا.

واللَّه أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>