وتقريبه لهم للأكل. قال الحافظ ابن حجر: يحمل قوله "حضر" أي بين يدي الآكل لتأتلف الروايات لاتحاد المخرج فلا يناط الحكم بحضور الطعام بعيدًا دون تقريب كما إذا لم يفرغ من جمعه. و"العشاء" بفتح العين طعام الليل، وليس الحكم قاصرًا عليه بدليل الرواية الرابعة وفيها "لا صلاة بحضرة طعام".
(وأقيمت الصلاة) قال ابن دقيق العيد: الألف واللام في "الصلاة" لا ينبغي أن تحمل على الاستغراق ولا على تعريف الماهية، بل ينبغي أن تحمل على "المغرب" لقوله "فابدءوا بالعشاء" ويترجح حمله على المغرب لقوله في الرواية الأخرى [للبخاري وفي روايتنا الثانية]"فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب" والحديث يفسر بعضه بعضًا، وفي رواية صحيحة [عند ابن حبان والطبراني]"إذا وضع العشاء وأحدكم صائم" اهـ. والجمهور على خلافه، وأن الألف واللام فيه للاستغراق، وسيأتي توضيح الحكم في فقه الحديث. والتعبير في الرواية الثانية بقوله "وحضرت الصلاة" مراد به الإقامة، فيكون الحكم عند حضور الوقت دون الإقامة من باب أولى.
(إذ وضع عشاء أحدكم .. فابدءوا ... ولا يعجلن) قال الطيبي: "أحد" إذا كان في سياق النفي يستوي فيه الواحد والجمع وهو في هذا الحديث في سياق الإثبات، فكيف وجه الأمر إليه تارة بالجمع "فابدءوا" وأخرى بالإفراد "ولا يعجلن"؟ وأجاب بأنه جمع نظرا إلى لفظ "كم" في "أحدكم" وأفرد نظرًا إلى لفظ "أحد" والمعنى: إذا وضع عشاء أحدكم فابدءوا أنتم بالعشاء، ولا يعجل هو حتى يفرغ معكم منه.
(عن ابن أبي عتيق) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(حدثت أنا والقاسم عند عائشة) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر فعائشة جدة ابن أبي عتيق وعمه القاسم.
(وكان القاسم رجلاً لحانة) بفتح اللام وتشديد الحاء، أي كثير اللحن في كلامه وفي إعرابه. قال القاضي: ورواه بعضهم "لحنة" بضم اللام وإسكان الحاء، وهو بمعنى لحانة.
(وكان لأم ولد) أي كانت أمه جارية لأبيه، وليست زوجة حرة.
(أما إني قد علمت من أين أتيت) أي من أين ولدت، وعلمت مصدر لحنك، وهو من قبل أمك.
(هذا أدبته أمه) الإشارة لابن أبي عتيق، أي علمته أمه الأدب البلاغي والنطق العربي السليم.
(وأنت أدبتك أمك) أي علمتك من الأدب اللغوي ما أنت عليه من اللحن.