للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب المسجد ورفع صوته للمصلين يقول: من وجد أو يعلم شيئًا عن جمل أحمر فليخبرني، فقد ضاع جملي الأحمر، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم تأديبًا له وزجرًا لغيره، وقال: لا رده الله عليك. أسأل الله أن لا تجده. إن المساجد لا تصلح لمثل هذا. إنما بنيت المساجد لغير هذا، ثم قال صلى الله عليه وسلم للمصلين: من سمع منكم رجلاً يسأل عن ضالته وما ضاع منه في المسجد فعاقبوه بالدعاء عليه أن لا يجد ما ضاع منه. إنما بنيت المساجد لعبادة الله تعالى.

-[المباحث العربية]-

(من سمع رجلاً ينشد ضالة) قال أهل اللغة: يقال: نشدت الدابة إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرفتها قال النووي: ورواية هذا الحديث "ينشد ضالة" بفتح الياء وضم الشين، من نشدت إذا طلبت، ومثله قوله في الرواية الثانية "أن رجلاً نشد في المسجد" أي ضالة.

(من دعا إلى الجمل الأحمر) أي من وجد الجمل الأحمر؟ فدعا إليه ونادى عليه؟ .

(لا وجدت) مفعوله محذوف، والكلام على الدعاء عليه. أي لا وجدت ضالتك، وهي في معنى "لا ردها الله عليك".

(إنما بنيت المساجد لما بنيت له) أي لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير، ونحوها.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: في الحديث النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد.

قال القاضي: وفيه دليل على منع عمل الصانع في المسجد، كالخياطة وشبهها. قال: قال بعض شيوخنا: إنما يمنع في المسجد من عمل الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس ويكتسب به، فلا يتخذ المسجد متجرًا، أما الصنائع التي يشمل نفعها المسلمين في دينهم كالمثاقفة وإصلاح آلات الجهاد مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس به.

ورفع الصوت في المسجد كرهه مالك مطلقًا سواء بالعلم أم غيره، وفي رواية عنه التفريق بين رفع الصوت بالعلم ونحوه من الأغراض الدينية وبين رفع الصوت بنفع فردي دنيوي أو ما لا فائدة فيه.

وقد روى البخاري عن السائب بن يزيد قال: كنت قائمًا في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فائتني بهذين فجئته بهما: فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>