وبمناسبة سجود التلاوة ذكر النووي في المجموع حكم سجود الشكر فقال:
سجود الشكر عند الشافعية سنة عند تجدد نعمة ظاهرة، أو اندفاع نقمة ظاهرة، سواء خصته النعمة أو النقمة، أو عمت المسلمين، وكذا إذا رأى مبتلى ببلية في بدنة أو بنيه. في كل هذا يستحب أن يسجد شكرًا لله تعالى، ولا يشرع السجود لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع ويفتقر سجود الشكر إلى شروط الصلاة، وحكمه في الصفات وغيرها حكم سجود التلاوة خارج الصلاة، واتفق الشافعية على تحريم سجود الشكر في الصلاة، ولو تصدق من تجددت له النعمة أو اندفعت عنه النقمة، أو صلى شكرًا لله تعالى مع فعله سجدة الشكر كان حسنًا.
هذا مذهب الشافعية، وبه قال أكثر العلماء، وهو مذهب الليث وأحمد. وسنده ما رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الشيء يسر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى".
وقال أبو حنيفة: يكره، وعن مالك روايتان، أشهرهما الكراهة، والثانية ليس بسنة، واحتج لمن كرهه بأن النبي صلى الله عليه وسلم "شكا إليه رجل القحط وهو يخطب، فرفع يديه ودعا، فسقط المطر في الحال، ودام المطر إلى الجمعة الأخرى، فقال رجل: يا رسول الله، تهدمت البيوت، وتقطعت السبل فادع الله يرفعه عنا، فدعا، فرفع في الحال" والحديث في الصحيحين، وموضع الدلالة أنه لم يسجد لتجدد نعمة المطر ولا لدفع نقمته، وقالوا: إن الإنسان لا يخلو من نعمة، فإن كلفه لزم الحرج. قال النووي: والجواب عن ذلك أنه ترك السجود في بعض الأحوال بيانًا للجواز، أو لأنه كان على المنبر وفي السجود حينئذ مشقة، أو اكتفى بسجود الصلاة، والجواب بأحد هذه الأوجه أو غيرها متعين، للجمع بين الأدلة، ففي الصحيحين عن كعب بن مالك في حديث توبته قال:"فخررت ساجدًا، وعرفت أنه قد جاء الفرج".
وروى البيهقي وغيره سجود الشكر من فعل أبي بكر الصديق وعمر وعلي رضي الله عنهم.