غائبهم فحفظوه وأعانوه، لقاءات في مسجد واحد خمس مرات في اليوم والليلة يدعو إليها الإسلام، ويرغب فيها بقوله صلى الله عليه وسلم "صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءًا، وتسابق المسلمون إلى الجماعات بل تسابق نساء المسلمين، وصبيانهم إليها، حتى في الفجر في شدة إغراء النوم، وحتى في العشاء في ظلمة الليل، وكثر المسلمون، ودخل في الإسلام منافقون، ثقلت عليهم صلاة الفجر والعشاء، وثقلت عليهم الجماعات، فكانوا يتخلفون، وكرر الرسول صلى الله عليه وسلم على مسامعهم الترغيب في الجماعة "ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة"، "من صلى الصبح في جماعة فهو في عهد الله ورعايته طول يومه، ومن لم يصلها طالبه الله بحقه ومن طالبه الله بحقه كبه على وجهه في نار جهنم" لكن بعض المنافقين دأب على التخلف عن الجماعة، والمنافقون جبناء، يخافون ولا يستحون، فكان المناسب لهم التهديد والوعيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد فكرت وهممت أن يؤذن المؤذن للصلاة ويقيم، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس بدلاً مني، ثم آخذ بعض الفتية ومعهم حزم من الحطب فتحرق بيوت المتخلفين عن الجماعة وهم فيها" وبلغ ذلك
المنافقين فحافظوا على الجماعة، وازداد المسلمون حرصًا عليها، حتى الأعمى والمريض والمعذور لم يكن يستهين بها أو يتخلف عنها، لقد كان المريض الذي لا يستطيع المشي وحده يسنده رجلان، يمشي بينهما يترنح ويتهادى حتى يوقفانه في الصف، ولقد جاء ابن أم مكتوم الأعمى يشكو تعثره في الطريق في الظلماء وفي السيل، يطلب الرخصة له أن يصلي في بيته إذا لم يجد قائدًا وتعرض للأخطار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تسمع الأذان وأنت في بيتك؟ قال: نعم. قال: أجب النداء واحضر الجماعة فلا رخصة لك.
وهكذا كانت صلاة الجماعة في المسجد لا يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، معرض نفسه لغضب الله وغضب الناس، بل صار من يخرج من المسجد قبل صلاة الجماعة مغاضبًا لله ورسوله {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيًا}[مريم: ٥٩].
-[المباحث العربية]-
(أفضل من صلاة أحدكم وحده) حال جامدة مؤولة بمشتق، أي منفردًا.
(تفضل صلاة في الجميع) أي في الجماعة.
(قال: وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار) هذا هو الموجب لتفضيل صلاة الفجر مع الجماعة.
(وقرآن الفجر) كناية عن صلاة الفجر، لأن الصلاة مستلزمة للقرآن.
(كان مشهودًا) أي محضورًا فيه، تحضره الملائكة بطائفتيها.