معصية لا كفر، لأن الكافر لا يصلي في بيته، إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة، فإذا خلا في بيته كان كما وصفه الله به من الكفر والاستهزاء. وأيضًا فقوله في رواية المقبري:"لولا ما في البيوت من النساء والذرية "يدل على أنهم لم يكونوا كفارًا، لأن تحريق بيت الكافر إذا تعين طريقًا إلى الغلبة عليه لم يمنع ذلك وجود النساء والذرية في بيته.
٧ - حكى القاضي عياض قول بعضهم: فرضية الجماعة كان في أول الإسلام، لأجل سد باب التخلف عن الصلوات على المنافقين، ثم نسخ، قال الحافظ: ويمكن أن يتقوى بثبوت نسخ الوعيد المذكور، وهو التحريق بالنار وكذا ثبوت نسخ ما يتضمنه الحريق من جواز العقوبة بالمال، ويدل على النسخ الأحاديث في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفرد، لأن الأفضلية تقتضي الاشتراك في أصل الفضل، ومن لازم ذلك الجواز.
٨ - أن المراد بالصلاة صلاة الجمعة، لا باقي الصلوات - والرواية العاشرة تؤيد هذا القول - ونصره القرطبي، وتعقب بالأحاديث المصرحة بالعشاء. انتهى بتصرف.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
١ - قال النووي: قال بعضهم: في الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال، لأن تحريق البيوت عقوبة مالية. وقال بعضهم: أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغال من الغنيمة واختلف السلف فيهما، والجمهور على منع تحريق متاعهما.
٢ - وفيه أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس.
٣ - وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.
٤ - قال بعضهم: ويؤخذ من الرواية الحادية عشرة وظاهرها عدم قبول العذر أن الجماعة فرض عين، قال النووي: وأجاب الجمهور بأنه سأل هل له رخصة أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة بسبب عذره؟ فقيل: لا. ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين، ودليله من السنة حديث عتبان الآتي في الباب التالي. وأما ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم له ثم رده؛ وقوله "فأجب" فيحتمل أنه بوحي نزل في الحال، ويحتمل أنه تغير اجتهاده صلى الله عليه وسلم إذا قلنا بالصحيح وقول الأكثرين أنه يجوز له الاجتهاد، ويحتمل أنه رخص له أولاً، وأراد أنه لا يجب عليه الحضور، إما لعذر وإما لأن فرض الكفاية حاصل بحضور غيره، وإما للأمرين، ثم ندبه إلى الأفضل، فقال: الأفضل والأعظم لأجرك أن تجيب وتحضر، فأجب.
٥ - ويؤخذ من الرواية الرابعة عشرة والخامسة عشرة كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر.
٦ - وفي حديث الهم بالتحريق تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، وسره أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفى به عن الأعلى من العقوبة.