للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(واجعلها عليهم كسني يوسف) أي واجعل وطأتك وبأسك وشدتك عليهم غلاء وقحطًا سنين طويلة كسني يوسف، و"سني" بكسر السين وتخفيف الياء. أصلها سنين، ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون الأخيرة للإضافة.

(اللهم العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية) المراد من اللعن هنا الدعاء بالقتل والطرد من رحمة الله، و"لحيان" بكسر اللام وسكون الحاء وياء مفتوحة و"رعل" بكسر الراء، وضبطه بعض أهل اللغة بفتحها، وسكون العين، آخره لام، و"ذكوان" بفتح الذال وسكون الكاف، وبعد الواو والألف نون، و"عصية" بضم العين وفتح الصاد وبالياء المشددة، و"لحيان" و"ذكوان" ممنوعان من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، و"عصية" ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي، وكلها أسماء لأشخاص سميت بها قبائل من سليم.

(عصت اللَّه ورسوله) أي هذه القبائل عصت اللَّه ورسوله بقتلها القراء فاستحقت اللعن، فالجملة مستأنفة استئنافًا تعليليًا، كأن سائلاً سأل: لم تلعن هذه القبائل؟ فقيل: لأنها عصت اللَّه ورسوله.

(ثم بلغنا أنه ترك ذلك) قيل: الإشارة للقنوت عامة، أي ترك القنوت في الصلاة، وقيل الإشارة للدعاء على الكفار وللمأسورين من المؤمنين، أي ترك ذلك الدعاء، واعتمد في القنوت دعاء غيره، وعلى هذين التفسيرين يأتي الخلاف في حكم القنوت في فقه الحديث.

(ثم رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد) أي ترك الدعاء للوليد وسلمة وعياش والمستضعفين من المؤمنين بمكة، فلما سأل أبو هريرة بعض الصحابة عن الترك قيل له: إنهم فك إسارهم وقدموا من مكة إلى المدينة مهاجرين فلم يعد حاجة للدعاء لهم بمثل ما كان يدعو به.

(لأقربن بكم صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أي لآتينكم بما يشبهها ويقرب منها.

(دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة) وهم قبائل حيان ورعل وذكوان وعصية، و"بئر معونة" - بفتح الميم وضم العين وبعد الواو نون - في نجد، وأصحاب بئر معونة هم أناس من أصحابه صلى الله عليه وسلم يقال لهم: القراء - كما جاء في الرواية التاسعة - وهم الذين وجد وحزن عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حزنه على أي سرية أخرى أصيبت - كما جاء في الرواية العاشرة.

وحاصل قصتهم أنهم كانوا جماعة من فقراء المسلمين، من المهاجرين والأنصار، وأقاموا في الصفة، وكانوا يحتطبون وينقلون الماء، ثم يشغلون ليلهم بقراءة القرآن والصلاة، حتى سموا القراء.

قال ابن سعد: قدم عامر بن جعفر الكلابي من نجد، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فلم يسلم ولم يرفض، وقال: يا محمد. لو بعثت معي رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد رجوت أن يستجيبوا لك. فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم أهل نجد. قال: أنا لهم جار إن تعرض لهم أحد، فبعث

<<  <  ج: ص:  >  >>