فصلى في المسجد. فصلى رجال بصلاته. فأصبح الناس يتحدثون بذلك. فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية. فصلوا بصلاته. فأصبح الناس يذكرون ذلك. فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة. فخرج فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله. فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فطفق رجال منهم يقولون الصلاة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر. فلما قضى الفجر أقبل على الناس. ثم تشهد فقال:"أما بعد فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها".
١٥٤٠ - عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:(وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر). فقال أبي: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان (يحلف ما يستثني) ووالله إني لأعلم أي ليلة هي. هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها. هي ليلة صبيحة سبع وعشرين. وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
١٥٤١ - عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: في ليلة القدر: والله إني لأعلمها وأكثر علمي هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها. هي ليلة سبع وعشرين. وإنما شك شعبة في هذا الحرف: هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وحدثني بها صاحب لي عنه.
-[المعنى العام]-
جعل اللَّه النهار معاشًا وجعل الليل سكنًا وراحةً ونومًا، وجعل صلوات النهار في أوله ووسطه وآخره، فالصبح والظهر والعصر والمغرب كلها في النهار أو متصلة بالنهار، وجعل صلاة العشاء وهي الصلاة الليلية الوحيدة في أول الليل وقبل النوم المعتاد لبني آدم، وكأن اللَّه تعالى شرع الصلوات المفروضة في أوقات الكفاح والعمل لئلا ينصرف الناس إلى المادية الصرفة، ولئلا تشغلهم الدنيا عن الآخرة، ولم يكلفهم ما يشق عليهم من القيام من النوم للعبادة، لكنه مع ذلك جعل ميدان العبادة الليلية مفتوحًا للمتسابقين في الخير المتنافسين في الطاعات، فحَبَّب ورغب في صلاة الليل بعامة، وحبب ورغب في صلاة الليل في شهر رمضان بخاصة وهي صلاة التراويح.