للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - وأن المقصود من الزيادة إلى سبعة أحرف هو تيسير القراءة وتسهيل النطق والفهم.

٣ - وأن الأمة كانت مخيرة في القراءة بأي حرف من هذه الأحرف السبعة غير ملزمة بحرف خاص منها.

٤ - وأن الصحابة كانوا يقرءون قراءات مختلفة حتى استنكر بعضهم قراءة البعض واحتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٥ - وأن النبي صلى الله عليه وسلم صوب قراءة كل منهم، وأقرهم على قراءاتهم، وأنه هو الذي أقرأهم إياها، وأن كل قراءة منزلة من عند الله.

هذه الأصول الخمسة، ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند تقدير كل قول من هذه الأقوال، فإن بعض الأقوال بعد عنها كل البعد، وبعضها انحرف عنها بعض الانحراف.

وهذه هي الأقوال ومناقشاتها:

أولاً: ذهب بعض العلماء إلى أن حديث إنزال القرآن على سبعة أحرف مشكل، لا يعرف المراد منه، لأن الحرف يطلق في اللغة -كما في القاموس- على: طرف الشيء، وشفيره، وحده، ومن الجبل أعلاه المحدد، وعلى أحد حروف الهجاء، وعلى الناقة الضامرة، وعلى سيل الماء، وعلى الوجه.

وهذه الإطلاقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف مشترك لفظي، والمشترك اللفظي إذا لم يظهر المراد منه بقرينة كان مشكلاً. والله أعلم بمراده منه.

ويرد هذا القول بأن المشترك اللفظي إذا وجدت قرينة تبين المعنى المراد منه لا يكون مشكلاً، وقد قامت قرائن تمنع بعض معانيه وتعين بعضها الآخر، لأنه لا يصح أن يراد أحد حروف الهجاء، لأن القرآن مؤلف من جميع حروف الهجاء لا من سبعة منها فقط، ولا يصح أن يراد له طرف الشيء ولا الناقة الضامرة ولا مسيل الماء، فتعين أن يراد منه الوجه، وإذا تعين أحد وجوه المشترك اللفظي بمثل هذه القرائن لم يكن مشكلاً.

ثانيا: ذهب بعضهم إلى أن حقيقة العدد غير مقصودة، بل المقصود التيسير والتسهيل والتوسعة على الأمة بوجوه متعددة كثيرة، والتعبير بالسبعة في عرف الشرع يراد به الكثرة في الآحاد، قال تعالى: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} [لقمان: ٢٧] كما أن التعبير بالسبعين يراد به الكثرة في العشرات قال تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: ٨٠]. وهذا القول لا يلتزم تحديد وجوه التيسير، وإليه جنح القاضي عياض.

لكنه مردود ببعض الأحاديث الدالة على أن حقيقة العدد مقصودة، وأن الأوجه منحصرة في سبعة، فحديث أبي بن كعب -روايتنا الثالثة والرابعة- فيه مراجعة وتحديد بالسبعة.

ثالثاً: ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام وأبو حاتم السجستاني إلى أن المراد من الأحرف السبعة لغات سبع متفرقة في القرآن كله، بمعنى أن بعض معاني القرآن عبر عنه بلفظ من لغة اليمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>