وما يتعلق بالحديث من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تقدم في الحديث السابق.
ومع أن الشيخ أبا عمرو يرى أن هذا الحديث مسوق فيمن سبق من الأمم، ويرى أنه ليس في لفظه ذكر لهذه الأمة، فإننا نرى أنه دعوة للأمة الإسلامية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن فيه تقريرا لما كان، والتقرير تشريع.
بل نرى أن قوله صلى الله عليه وسلم "فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن" كلام موجه للصحابة، مبني على مفهوم مطوي في الكلام، تقديره، وستكون أمتي كذلك، وسيخلفكم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ... إلخ.
ولو أن الكلام في الأمم السابقة خاصة لكان الأولى بالأسلوب أن يكون: ثم إنها خلفت من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، فمن كان يجاهدهم بيده كان مؤمنا ... إلخ.
ويؤيدنا في هذا الفهم صنيع الإمام مسلم والإمام النووي، فقد استدلا بالحديث على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - مدى حيطة الصحابة في أخذ الأحاديث وإنكارهم ما لا يقبلون، والتثبت والاستشهاد على صحة ما يرون.
٢ - أن سنة الله في خلقه ضعف الإيمان كلما تقدمت القرون.
٣ - أن الإيمان يزيد ويتكامل، ويضعف حتى حبة الخردل.