الفصل الطويل، ويحتمل أنها كانت الجمعة واستأنفها، ويحتمل أنه لم يحصل فصل طويل، ويحتمل أن كلامه لهذا الغريب كان متعلقاً بالخطبة فيكون منها، ولا يضر المشي في أثنائها.
٣١ - ومن الرواية الخامسة والثلاثين يؤخذ استحباب قراءة هاتين السورتين في صلاة فجر يوم الجمعة، لما تشعر الصيغة به من مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك أو إكثاره منه.
وقد ذهب المالكية إلى كراهة قراءة السجدة في الصلاة، قيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض. قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة الحديث. وقيل: الكراهة لخشية اعتقاد العوام أنها فرض. قال ابن دقيق العيد. أما القول بالكراهة مطلقاً فيأباه الحديث، لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغي أن تترك أحياناً لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك في بعض الأوقات. اهـ.
وقال صاحب المحيط من الحنفية: يستحب قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعة بشرط أن يقرأ غير ذلك أحياناً لئلا يظن الجاهل أنه لا يجزئ غيره.
٣٢ - ويؤخذ من الرواية الأولى اهتمام الصحابة بالتبكير للجمعة وتأخيرهم للقيلولة والغداء لما بعد صلاة الجمعة.
٣٣ - من الرواية الواحدة والثلاثين أخذ جواز بناء المقصورة في المسجد، إذا رآها ولي الأمر مصلحة، وأول من عملها -كما قيل- معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي. قال القاضي: واختلفوا في المقصورة فأجازها كثير من السلف، وصلوا فيها، وكرهها بعضهم. وقيل: إنما يصح فيها الجمعة إذا كانت مباحة لكل أحد، فإن كانت مخصوصة ببعض الناس ممنوعة من غيرهم لم تصح فيها الجمعة، لخروجها عن حكم الجامع.
٣٤ - ويؤخذ من قوله في الرواية الثالثة والأربعين: "إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج". ما ذهب إليه الشافعية من أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره، ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة.
٣٥ - وأن الفصل بين الفريضة والنافلة يحصل أيضاً بالكلام، ولكن كونه بالانتقال أفضل.
(ملحوظات) هناك أحكام فقهية خاصة بصلاة الجمعة، من المهم في هذا المقام ذكرها باختصار، وهي:
١ - ذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أن إذن السلطان بصلاة الجمعة سنة، وأنها تصح من غير إذنه ومن غير حضوره، سواء أكان السلطان في البلد أم لا.
وقال أبو حنيفة: لا تصح الجمعة إلا خلف السلطان أو نائبه أو بإذنه متى قدر على استئذانه، واحتج له بأنها لم تقم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن إلا بإذن السلطان أو نائبه، ولأن تجويزها بغير إذنه يؤدي إلى فتنة.