للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانياً: وأن الغناء بالمزامير والأوتار حرام. وهذا لا يخلو منه غناء اليوم.

ثالثاً: وأن عبارات الغناء إذا اشتملت على الخنا ووصف المرأة بين الرجال حرام. وهو الأصل والكثير في غناء اليوم.

رابعاً: وأن سماع الشباب حرام.

خامساً: وأن سماع العوام إذا كثر فهو حرام.

إذن الغزالي يتكلم عن غناء يشبه الترنم والحداء، وهو لا يكاد يوجد في عالمنا، ويقصد نوعاً خاصاً من المستمعين وهم -كما يقول-: الذين غلب عليهم حب الله تعالى، فالذي يغلب عليه حب الله تعالى يتذكر بسواد الصدغ مثلاً ظلمة الكفر، وبنضارة الخد نور الإيمان، وبذكر الوصال لقاء الله تعالى، وبذكر الفراق الحجاب عن الله تعالى في زمرة المردودين، فالسماع يحدث أحوالاً من المكاشفات والملاطفات لا يحيط الوصف بها، يعرفها من ذاقها وينكرها من ضعف حسه عن ذوقها، وتسمى تلك الأحوال بلسان الصوفية وجداً، ثم تكون تلك الأحوال أسباباً للصفاء الذي يحصل به مشاهدات ومكاشفات، وهي غاية مطلب المحبين لله تعالى. انتهى كلام الغزالي بتصرف.

أفبعد هذا يقال: إن الغزالي يبيح سماع غناء اليوم؟ ولجماهير مستمعي الغناء اليوم؟ اللهم. لا.

ثم إن الغزالي في هذا البحث عنى السماع وقصده، أما القائم بالغناء فقد استحسن بشأنه عبارة الشافعي، فقال: وقد نص الشافعي في الرجل يتخذه صناعة: لا تجوز شهادته.

قال الغزالي: وذلك لأنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل، ومن اتخذه صنعة كان منسوباً إلى السفاهة وسقوط المروءة، فإن كان لا ينسب نفسه إلى الغناء، ولا يؤتي لذلك، ولا يؤتي لأجله، وإنما يعرف بالصوت الحسن فيترنم أحياناً لم يسقط هذا مروءته، ولم يبطل شهادته. وحديث الجاريتين في بيت عائشة شاهد على هذا. والله أعلم.

-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-

١ - جواز دخول الرجل على ابنته وهي عند زوجها بدون سبق استئذان من الزوج إذا كان له بذلك عادة.

٢ - وتأديب الأب ابنته بحضرة الزوج، وإن تركه الزوج، إذ التأديب وظيفة الآباء، والعطف مشروع من الأزواج للنساء. ذكره الحافظ ابن حجر وهو واضح في الرواية الرابعة في قولها: "فانتهرني".

٣ - ومن قول أبي بكر: "أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم". أن مواضع أهل الخير وأهل الفضل والصالحين تنزه عن الهوى واللغو ونحوه، وإن لم يكن فيه إثم. ذكره النووي.

٤ - وفيه أن التابع للكبير إذا رأى بحضرته ما يستنكر أو ما لا يليق بمجلسه ينكره، ولا يكون في ذلك افتيات على الكبير، بل هو أدب ورعاية حرمة وإجلال للكبير من أن يتولى ذلك بنفسه، فلا يقال: كيف ساغ للصديق إنكار شيء أقره النبي صلى الله عليه وسلم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>