ففي الكلام مجاز المشارفة، أي أشرف على الخطبة فحمد الله، كقولنا: توضأ فغسل وجهه ويديه ورأسه ورجليه، فما بعد الفاء بيان وتفسير لما قبلها.
(إن الشمس والقمر من آيات الله) وفي الرواية الثانية: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله". وفي الرواية الرابعة بعد العشرين:"ولكنهما آية من آيات الله". والآية: العظة والعبرة والعلامة على قدرة الله وحكمته ورحمته.
(وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته) وفي الرواية الخامسة: "لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته". وفي الرواية الواحدة والعشرين:"إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا حياته". أما الروايتان الثامنة عشرة والتاسعة عشرة فلم تذكر لفظ "ولا لحياته" وقد استشكل على الروايات التي ذكرت هذه اللفظة بأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة. قال الحافظ ابن حجر: والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول: لا يلزم من نفي كونه سبباً للفقد أن لا يكون سبباً للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم. اهـ أي إن ذكرها للمبالغة في نفي علاقة الكسوف بموت عظيم عن طريق نفي علاقته بالبشر مطلقاً موتاً أو حياة.
(فإذا رأيتموهما) أي رأيتم الشمس والقمر مكسوفين على التتابع، أي إذا رأيتم كسوف أي منهما، وليس المراد رأيتم كسوف الشمس والقمر معاً فإنه من المستحيل -حسب القوانين الإلهية في الكون- وقوع الكسوف فيهما في وقت واحد.
والرواية الثانية:"فإذا رأيتموها". الإفراد، والضمير للآية، وفي الرواية الخامسة:"فإذا رأيتم كسوفاً". أي لأحدهما، وفي الرواية التاسعة:"فإذا رأيتم شيئاً من ذلك" وفي الرواية الرابعة عشرة: "فإذا رأيتم ذلك". أي الكسوف، وفي الرواية الثامنة عشرة:"فإذا رأيتم منها شيئاً". أي من الآيات.
(إن من أحد أغير من الله)"إن" حرف نفي بمعنى "ما" ورواية البخاري: "والله ما من أحد أغير من الله". و"أغير" أفعل تفضيل من الغيرة بفتح الغين. قال الطيبي: وجه اتصال هذا المعنى بما قبله من قوله: "فاذكروا الله" من جهة أنهم لما أمروا باستدفاع البلاء بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة ناسب ردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب جلب البلاء، وخص منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك. وقيل: لما كانت هذه المعصية من أقبح المعاصي وأشدها تأثيراً في إثارة النفوس وغلبة الغضب ناسب ذلك تخويفهم في هذا المقام من مؤاخذة رب الغيرة وخالقها سبحانه وتعالى. اهـ ومعنى البلاء في الكسوف حجب نعمة الضوء عن البشر ولو لفترة قصيرة.
(أن يزني عبده) حذف حرف الجر قبل "أن" مطرد وكثير، و"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر، أي لا أحد أغير من الله لزنا عبده، أو من زنا عبده.