والغريب أن الإمام النووي بعد أن فسر النصيحة بما فسرها قال نقلا عن ابن بطال: والنصيحة فرض يجزى فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة. اهـ.
وهذا الحكم لا يتأتى مع تفسير النصيحة بما فسرها به، إذ هي بهذا التفسير فرض عين، وليست فرض كفاية، حيث أدخل فيها الإيمان بالله ورسوله وكتابه.
بل هذا الحكم لا يتأتى مع تفسيرنا لها بأنها إرادة الخير للمنصوح له، فإنها فرض عين أيضا، وإنما يتأتى في بعض صور النصيحة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن النصيحة تسمى دينا.
٢ - وأن الدين يطلق على العمل كما يطلق على القول.
٣ - وأنه يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين المنصوح له حتى سئل "لمن"؟
٤ - أن النصيحة لأئمة المسلمين أهم وآكد من النصيحة لعامتهم، إذ ذكرهم أولا، وبرشدهم يستقيم كثير من الرعية، وبضلالهم يضل الكثير.