للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الجنازة في المصلى، لحماية المسجد من التلوث، ولسعة المصلى مما يسمح للكثرة من المسلمين بحضور الصلاة، كما صلى بعض صلوات الجنازة بالمسجد لبيان الجواز. وقد عنيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها واهتمت بالصلاة على سعد بن أبي وقاص؛ فطلبت من المشيعين أن يدخلوا بجنازته المسجد لتصلي هي وأمهات المؤمنين اعترافاً بفضله وجهاده في الإسلام وتكريماً له، فقد كان رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان أحد الستة الذين رشحهم عمر للخلافة من بعده، وفتح فارس وبنى الكوفة، وابتعد عن الفتنة، واعتزل دخانها، حتى مات رضي الله عنه وعن أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

والقيام للجنازة كان من باب تقديس الموت، وزيادة الاعتبار به، والخشوع والخضوع له، والتسليم. يجريانه على رقاب العباد، ثم نسخ الأمر بالقيام للجنازة مخافة أن يتحول هدفه إلى تقديس الميت نفسه واحترامه وإن كان فاسقاً، وفي فقه الحديث شرح وإيضاح يغني عن التطويل.

-[المباحث العربية]-

(نعى للناس النجاشي) "نعى" بفتح النون وفتح العين، ينعى بفتح العين أيضاً، يقال: نعاه ينعاه نعياً، والنعى الإشعار بموت الميت، و"النجاشي" بفتح النون وكسرها، والياء مخففة على الصواب وحكى تشديدها. وهو لقب لكل من ملك الحبشة، فقوله في الرواية الثانية: "صاحب الحبشة" أي ملكها، وكان اسم هذا الملك "أصحمة" بفتح الهمزة وإسكان الصاد، وفتح الحاء، المذكور في الرواية الثالثة والرابعة ووقع في مسند ابن أبي شيبة في هذا الحديث تسميته "صحمة" بفتح الصاد وإسكان الحاء. وقيل "صمحة" بتقديم الميم على الحاء. قال النووي: الأول هو الصواب المعروف في كتب الحديث والمغازي وغيرها.

وفي كتاب الطبقات لابن سعد، أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية سنة ست من الهجرة، أرسل كتاباً إلى النجاشي سنة سبع في المحرم، فأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض تواضعاً، ثم أسلم وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وأسلم على يدي جعفر بن أبي طالب.

(في اليوم الذي مات فيه) النجاشي، وعلم موته بطريق الوحي، وكان يوم موته في رجب سنة تسع من الهجرة.

(فخرج بهم إلى المصلى) المراد بالمصلى موضع معد للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين الذي كان ببطحان.

(وكبر أربع تكبيرات) أي صلى بأصحابه صلاة الجنازة بعد أن صفهم خلفه صفين، كما هو واضح من الرواية الخامسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>