١٠٧ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة بعد".
١٠٨ - عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه قال "لا يزني الزاني" ثم ذكر بمثل حديث شعبة.
-[المعنى العام]-
تعرضت أحاديث كثيرة لجانب الرجاء في الله، حتى كاد يطمع في دخول الجنة من لا عمل له، فروي "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" و"من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار" و"حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا" و"من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق".
كادت هذه الأحاديث تبعث الطمأنينة في نفوس العصاة، لولا أن قابلتها أحاديث الخوف التي تكاد تيئس مرتكب الكبيرة من دخول الجنة. من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب أي يغتصب "نهبة" وأموالا "ذات شرف" وذات قيمة "يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها" مشدوهين من تصرفه، عاجزين عن دفعه "وهو مؤمن ولا يغل" أي يسرق "أحدكم حين يغل" ويسرق وهو مؤمن فإياكم "وهذه الكبائر" وإياكم "وتعريض الإيمان للضعف والانهيار".
فهذا الحديث يحذر مرتكب الكبيرة، ويخوفه من عاقبة فعله، يهدده بسحب الإيمان عنه حالة ارتكاب المنكر، فيضعف إيمانه، ولا يزال الإيمان يضعف ويتناقص بالمعاصي حتى يخشى على صاحبه من الكفر والعياذ بالله، فإن الاستهانة بارتكاب المعصية تؤدي إلى الاستهانة بالآمر الناهي، ولا تزال المعصية تترك نكتة سوداء في قلب صاحبها حتى يطبع الله عليه، ويختم على صدره، فيكون من أهل النار.
وهكذا نجد أن الشرع الحكيم بنصوصه يضع المؤمن بين الرجاء والخوف، لئلا يقنط من رحمة الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. ولئلا يغتر فيهمل شعب الإيمان وأموره، فما أكثر الوعيد، وما أكثر النذر والتهديد {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين}[النساء: ١٤] نجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يضع المؤمن في الإطار الذي وضعه فيه القرآن