للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينهبهم، ولا يقدرون على دفعه، ويحتمل أن يكون كناية عن عدم التستر بذلك, فيكون صفة لازمة للنهب، بخلاف السرقة والاختلاس، فإنه يكون في خفية، والانتهاب أشد لما فيه من مزيد الجراءة وعدم المبالاة.

(ولا يغل أحدكم) بفتح الياء وضم الغين وتشديد اللام المرفوعة، وهو من الغلول وهو الخيانة، وقيل: هو خاص بالخيانة من الغنيمة.

(فإياكم إياكم) الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر، أي إذا كان الإيمان ينتفى بارتكاب هذه القبائح فإياكم، أي فاحذروها.

وأصل "إياكم" احذروا تلاقي أنفسكم والقبائح، ثم حذف الفعل وفاعله، ثم المضاف الأول "تلاقي" ثم المضاف الثاني، وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل الضمير، وانتصب بعامل محذوف وجوبا لكثرة الاستعمال "وإياكم" الثانية تكرير للتأكيد، والمحذر منه محذوف للعلم به من الكلام السابق.

-[فقه الحديث]-

قبل الكلام عن فقه الحديث نورد مذاهب المتكلمين باختصار في الإيمان مع ارتكاب الكبيرة، حتى يتجلى موقف كل فريق من هذا الحديث.

١ - فالخوارج: يقولون إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، فمرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار. ٢ - والمعتزلة: يقولون كالخوارج بأن العمل من الإيمان، فمرتكب الكبيرة ليس بمؤمن وليس بكافر لكنه مخلد في النار.

٣ - والمرجئة: يقولون: هو اعتقاد ونطق فقط فيتحقق الإيمان بهما، ولا تتأثر حقيقته بارتكاب الكبائر.

٤ - والكرامية: يقولون: هو نطق فقط فيتحقق الإيمان به، ولا تتأثر حقيقته بارتكاب الكبائر.

٥ - وأهل السنة: يقولون: الإيمان بالنظر لما عندنا يحصل بالإقرار، فمن أقر أجريت عليه الأحكام الدنيوية، ولم يحكم عليه بالكفر، إلا إن اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم.

وبالنظر لما عند الله هو الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان والعمل بالأركان على أن العمل شرط في كماله، فمرتكب الكبيرة [غير الشرك] مؤمن غير كامل الإيمان - أو مؤمن فاسق.

وظاهر الحديث الذي معنا يؤيد الخوارج والمعتزلة، وبه استدلوا على مذهبهم، فهو ينفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب، وحيث انتفى الإيمان ثبت الكفر [عند الخوارج]، لأنه لا واسطة عندهم بين الإيمان والكفر. أما المعتزلة فينفون عنه الإيمان بالحديث، وينفون عنه الكفر، لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>