للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الليلة ليلة النصف) أي من رمضان.

(ما يدريك أن الليلة النصف) بالرفع خبر "أن" ومعناه أنك لا تدري أن الليلة نصف ليالي الشهر أم لا؟ لأن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين، فلا تكون الليلة ليلة اليوم الذي بتمامه يتم النصف.

(وإذا رأيتموه فأفطروا) أي إذا رأيتموه في نهاية رمضان فأفطروا.

(فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً) فإن غم عليكم في نهاية رمضان فصوموا اليوم المتمم للثلاثين. وهو معنى {ولتكملوا العدة} [البقرة: ١٨٥] الآتي في الرواية الآتية، أي عدة شهر رمضان.

(صوموا لرؤيته) اللام فيها للتأقيت، لا للتعليل، وفيه مجاز المشارفة، لأن وقت الرؤية وهو الليل لا يكون محلاً للصوم، وحتى من قال: إن المراد من الصوم نيته، والليل كله ظرف للنية، أي انووا الصيام، يلزمه كذلك مجاز المشارفة، لأن الناوي ليس صائماً حقيقة، بل مشرف ومقارب للصوم بدليل أنه يجوز له الأكل والشرب بعد النية إلى طلوع الفجر.

(لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين) "لا تقدموا" بفتح التاء والقاف، أي لا تتقدموا، أي لا تستقبلوه بصوم يوم ولا يومين، قيل: ولا بأكثر حتى نصف الشهر، وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث.

(فخرج إلينا صباح تسع وعشرين) قال النووي: أي صباح الليلة بعد تسعة وعشرين يوماً، وهي صبيحة ثلاثين. اهـ أي صبيحة اليوم المتمم للثلاثين.

وتوضيح الحادثة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه صبيحة يوم، صلى الفجر، ثم دخل المشربة، وأخذ يصلي بالناس كل يوم وكل وقت ثم يصعد، لا يكاد يكلم أحداً، وأنهى الاعتزال، فلم يصعد بعد صلاة فجر اليوم المتمم للثلاثين، فتكون مدة اعتزاله تسعاً وعشرين ليلة وتسعة وعشرين يوماً، ويكون بذلك قد بر بيمينه، فلفظ الشهر يطلق على تسع وعشرين؛ وليس شرطاً أن يكون الاعتزال قد بدأ بليلة أول الشهر، فلم يثبت ذلك في أي من الروايات، ولا مانع من أن يكون الشهر الذي شغل الاعتزال أكثره لا مانع أنه كان تسعة وعشرين يوماً، يشهد لذلك قول عائشة: "أعدهن" ولم تقل: أشاهد الهلال مثلاً، أو لم ينته شهر كذا مثلاً.

والروايات كلها تستقيم على هذا، فقول جابر في الرواية التاسعة عشرة: "فخرج إلينا في تسع وعشرين"، معناه في نهاية تسع وعشرين ليلة، وقولهم في الرواية نفسها: "إنما اليوم تسع وعشرون" معناه نهاية تسع وعشرين ليلة، وقولهم في الرواية المتممة للعشرين "فخرج إلينا صباح تسع وعشرين، أي صباح الليلة التاسعة والعشرين، وقولهم: "إنما أصبحنا لتسع وعشرين" أي لتسع وعشرين ليلة، وقول أم سلمة في الرواية الحادية والعشرين: "فلما مضى تسعة وعشرون يوماً" أي تسع وعشرون ليلة "غدا عليهم أو راح".

<<  <  ج: ص:  >  >>