١ - مشروعية السحور وتأخيره؛ ففصل ما بين صومنا وصوم أهل الكتاب أكلة السحر، والسحور وتأخيره يقوي على الصوم، وفيه رفق بالأمة، وظاهر الأحاديث أن وقته هو الوقت الذي يقع فيه الأذان الأول السابق لطلوع الفجر الصادق، وصحح النووي في أكثر كتبه أن مبدأه من نصف الليل الثاني.
٢ - قال النووي: وفيه دليل جواز الأكل بعد النية، ولا تفسد نية الصوم به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الأكل إلى طلوع الفجر، ومعلوم أن النية لا تجوز بعد طلوع الفجر، فدل على أنها سابقة. وأن الأكل بعدها لا يضر، وهذا هو الصواب المشهور من مذهبنا ومذهب غيرنا، وقال بعض أصحابنا: متى أكل بعد النية أو جامع فسدت ووجب تجديدها، وإلا فلا يصح صومه، وهذا غلط صريح. اهـ.
٣ - مشروعية الأذان للصبح قبل دخول وقته، وقبل طلوع الفجر الصادق: قال الحافظ ابن حجر: إلى مشروعيته مطلقاً ذهب الجمهور، وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد، وإلى الاكتفاء به عن الأذان الثاني ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم ثم قال فإن قيل تقدم في تعريف الأذان الشرعي أنه إعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة والأذان قبل الوقت ليس إعلاماً بالوقت؟ فالجواب أن الإعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاماً بأنه دخل أو قارب أن يدخل. اهـ وفي هذا الجواب نظر، لأن التعريف إعلام بالدخول، والأولى أن يقال: إن التعريف للأذان الشرعي المختص بالإعلام عن الوقت، فلا يدخل فيه الإعلام عن قرب الجمعة، ولا إذا خيفت الغيلان في الصحراء، ولا الأذان في أذن المولود ولا الأذان قبل الفجر، فلكل من ذلك هدف آخر غير الإعلام عن دخول الوقت. قال الحافظ: وإنما اختص الصبح بذلك من بين الصلوات لأن الصلاة في أول وقتها مرغب فيه، والصبح يأتي غالباً عقب نوم، فناسب أن ينصب من يوقظ الناس قبل دخول وقتها، ليتأهبوا ويدركوا فضيلة أول الوقت.
ثم قال: وادعى بعض الحنفية -كما حكاه السروجي منهم- أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان، وإنما كان تذكيراً أو تسحيراً، كما يقع للناس اليوم. وهذا مردود، لكن الذي يصنعه الناس اليوم محدث قطعاً، وقد تضافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان، فحمله على معناه الشرعي مقدم، ولأن الأذان الأول لو كان بألفاظ أخرى لما التبس على السامعين، وسياق الخبر يقتضي أنه خشي عليهم الالتباس، وادعى ابن القطان أن ذلك كان في رمضان خاصة. وفيه نظر. اهـ وقد ذهب بعضهم إلى التفريق بين الأذان الأول والثاني بذكر "الصلاة خير من النوم" في الأول دون الثاني وقيل في الثاني دون الأول، ولم يرد شيء من ذلك في أحاديث يعتد بها. والله أعلم.
٤ - واستدل بالأحاديث على جواز اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد. قال النووي: قال أصحابنا: إذا احتاج المسجد إلى أكثر من مؤذن اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر بحسب الحاجة، وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس. قال: قال أصحابنا: وإذا