رمضان، فقال البيهقي في المبسوط: قال الشافعي: كأنهما يريان تأخير الفطر واسعاً، لا أنهما يتعمدان فضيلة في ذلك.
ونقل الماوردي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يؤخران الإفطار، وأجاب بأنهما أرادا بيان جواز ذلك، لئلا يظن وجوب التعجيل.
وقد ترجم البخاري في بعض النسخ بباب تعجيل السحور، وساق تحت هذه الترجمة حديث عبد العزيز بن أبي حازم بن سهل بن سعد. قال: كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعتذر عنه ابن المنير، فقال: التعجيل من الأمور النسبية، فإن نسب إلى أول الوقت كان معناه التقديم [وليس مراداً هنا] وإن نسب إلى آخره كان معناه التأخير [أي كان معناه الإسراع به قبل الفوات، وهو مراد البخاري، وهو واضح من الحديث الذي ساقه، فليس من التعجيل الذي نحن بصدده، والذي هو الإتيان بالشيء في أول وقته] وإنما سماه البخاري تعجيلاً؛ إشارة منه إلى أن الصحابي كان يسابق سحوره الفجر عند خوف طلوعه وخوف فوات الصلاة بمقدار ذهابه إلى المسجد. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
١ - يؤخذ من قوله "قدر خمسين آية" أنهم كانوا يقدرون الأوقات بأعمال البدن، كقولهم قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور، وعدل زيد بن ثابت عن ذاك التقدير إلى التقدير بالقراءة لمناسبة ما يحصل في ذلك الوقت فإنه كان وقت العبادة بالتلاوة، ولم يكن وقت حلب أو ذبح.
٢ - وفيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة.
٣ - وفي سحور زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة.
٤ - وجواز المشي بالليل للحاجة، لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم قاله الحافظ ابن حجر، واعترض عليه العيني، فقال: لا نسلم نفي بيتوتته مع النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة التي تسحر فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من ذلك أن يبيت معه كل ليلة. اهـ ولو أن البدر العيني اطلع على حديث النسائي وابن حبان السابق في المباحث العربية ما اعترض هذا الاعتراض، ففيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس: انظر رجلاً يأكل معي فدعا زيد بن ثابت، فجاء فتسحر معه، فبيتوتته مع النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة منفية قطعاً.
٥ - وفيه الاجتماع على السحور.
٦ - وفيه حسن الأدب في العبارة. لقوله "تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يشعر لفظ المعية بالتبعية. قاله الحافظ ابن حجر.
٧ - وفيه أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة السابق في الباب الماضي.