يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله فصلى صلاة لا يصليها عندنا. قال: قلنا له حين أصبحنا أفطنت لنا الليلة؟ قال: فقال "نعم ذاك الذي حملني على الذي صنعت". قال: فأخذ يواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك في آخر الشهر فأخذ رجال من أصحابه يواصلون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما بال رجال يواصلون. إنكم لستم مثلي. أما والله لو تماد لي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم".
٢٢٤٠ - عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال "لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم. إنكم لستم مثلي (أو قال) إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني".
٢٢٤١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم. فقالوا: إنك تواصل. قال "إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقيني".
-[المعنى العام]-
يقول تعالى:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة: ١٨٥]. ويقول:{وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: ٧٨]. ومن رحمة الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن خفف عليهم مدة الإمساك في الصيام، فجعلها من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، بعد أن كان معظم الليل داخلاً في الإمساك، وزيادة في التيسير رغب صلى الله عليه وسلم في تعجيل الفطر وتأخير السحور.
إن العبادة بهمة ويقظة ونشاط خير من العبادة المشوبة بالملل والسقم، وليس من البر أن يتكلف الإنسان ما لا يطيق، ولا أن يتشدد ويبالغ في العبادة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول:"أوغل في الدين برفق، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"، وكثيراً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك الشيء وهو يحب أن يفعله مخافة أن يقتدي به أصحابه فيشق عليهم.
وكثيراً ما كان يقدر على ما لا يقدر عليه أتباعه، وكان يكلفه ربه بما لا يكلف به أمته، ومن هذا الوصال في الصيام، والإمساك عن المفطرات يومين متتاليين أو أكثر دون أن يأكل أو يشرب شيئاً، وكيف لا والقرب والمناجاة يغني عن متاع هذه الحياة، والاستغراق في العبادة ينسي الرغبة في الطعام والشراب.